جمال
Admin
- 📬
- 755
- ❓
- 0
- 👍
- 90
- 🏆
- 28
يؤدي الوعي الصوتي دورا سببيا في التحليل القرائي المبكر، كما أن الخبرة بنشاطات الوعي الصوتي لها أثر إيجابي في القراءة والتهجئة خاصة عند الربط بين الوحدات الصوتية والرموز التي تمثل هذه الوحدات.
وتبرز العلاقة بين القدرة القرائية والوعي الصوتي على أنها علاقة سببية ثنائية الاتجاه، فالوعي الصوتي قد يكون أحد المتطلبات السابقة للنمو القرائي، ونتيجة للخبرة القرائية، والوعي الصوتي هو الأساس الذي تبنى عليه مهارات القراءة، فبعض جوانب الوعي الصوتي قد لا يبدو نتيجة طبيعية لعامل النضج وإنما نتيجة لتعلم الحروف الهجائية؛ إذ بدون هذا التعلم يظل اكتساب المتعلمين للوعي بالوحدات الصوتية محدودا بدرجة كبيرة، كما أن بعض جوانب الوعي بأصوات الكلام يتطور بصورة مستقلة عن التعليم القرائي ولها تأثير مهم على القدرة القرائية، أو أن بعض جوانب الوعي الصوتي يكتسب كمظهر للنضج في القدرات الذهنية للأطفال .
والتدريب على الوعي الصوتي يتضمن عمليتي التحليل والتوليف الصوتي للكلمات والرموز، وتطابقات الوحدات الصوتية مع ما يقابلها من رموز، والتهجي وتجزئة الكلمة إلي مقاطع، وتجزئة المقطع الواحد، وربط الرموز المطبوعة بالأصوات التي تقابلها، والحروف المترابطة التي تتطابق مع الأصوات والمقطع المرتبط بها، وقراءة الكلمات الناتجة عن تجميع الأصوات أو الحروف، وقراءة كلمات بعد حذف أحد حروفها.
والقضية الأساسية في هذا هي كيفية إجراء هذه المعالجات من زاوية ، وكيف تبنى الخبرات القرائية على هذا الوعي من زاوية ثانية ؟. والانطلاق من القاعدة الهجائية الحروف تمثل أصواتا من زاوية ثالثة.
وتكمن أهمية الوعي الصوتي من منظور آخر في أن تعلم القراءة يتطلب معرفة صريحة بالجوانب الصوتية للكلام، وكي يصبح المتعلم قارئا فاعلا يتوجب عليه تعلم التطابقات المتنوعة بين الحروف وصورها الصوتية، والمعرفة بأن الكلمات تتكون من صور صوتية غير متلاصقة تعد أساسية لبناء قواعد الترابط بين الصور الصوتية ورسمها، والوعي الصوتي يعد مؤشرا بصورة أكبر من معامل الذكاء، والمفردات وفهم المسموع على مدى قدرة الطفل على تعلم القراءة، والحاجة إلي الوعي الصوتي لا تتمثل في أهميته بالنسبة للقراءة فحسب بل هو ضروري لتعلم التهجي، ولاكتساب مهارات الكتابة ، والمتعلم الذي يكتسب مهارات الوعي الصوتي لن يكون بإمكانه أن يتعلم القراءة – فقط - بشكل سليم، بل سيتمكن من تهجي الكلمات بصورة صحيحة دون استظهارها، ومن آثار التدريب على الوعي الصوتي التقدم في ممارسة مهارات الكتابة .
والوعي الصوتي متطلب لتطوير المبدأ الأبجدي، وهو يتعلق بعلاقة الفونيم بالرمز، مما يمكن المتعلم من تعرف الرمز المكتوب، فالقراءة تحتاج في معالجات الوعي الصوتي إلي تدريب المتعلم على التحليل والتركيب حتى يتمكن المتعلم من التمييز والإنتاج على المستوى الشفهي أولا، ثم التعامل مع الرموز المكتوبة في القراءة ثانيا؛ مما يشكل لدى المتعلم حساسية لربط الكلمات ذات البداية الواحدة أو المتشابهة في نهايتها .
وتبرز قيمة المبدأ الأبجدي في أنه يمثل علاقة خاصة تستعمل فيها الرموز المكتوبة لمساندة الفونيمات التي تختلق الكلمات ، فعملية تعلم القراءة والكتابة ترتبط بنظام أبجدي، مما يوجب على المتعلم إدراك كيف يعمل النظام الكتابي، وإدراك هذه الفكرة يتطلب معرفة الفونيمات الفردية خلال التدريب على الوعي الصوتي، وأن هذه الفونيمات تمثلها رموز مكتوبة، هذا الإدراك مفيد في تعرف علاقات الفونيم بالرمز، والتهجي، وتعرف الكلمات، وفي المقابل يؤدي عدم الإدراك إلي استظهار المتعلم لكل كلمة، وهذا له آثاره السلبية على مهارات القراءة ونموها .
إن الوعي الصوتي له من الأهمية ما يستوجب أن يخصص لتدريباته الوقت، وأن يبذل جهد مقصود من أجل إنجاح أنشطته تخطيطا وتنفيذا وتقويما ، وتضيف هذه ة النتائج بعدا آخر يتمثل في ضرورة أن يشكل الوعي الصوتي جزءا من برامج تعليم القراءة والكتابة، وأن تتاح للمبتدئين فرصا للعمل والنشاط لممارسة مهاراته، أما عن زمن التدريب، ونوعه وجوانب التركيز فيقررها المعلم مستندا إلي نتائج الأبحاث في مجال الوعي الصوتي، ووفقا لحاجات المتعلم وقدراته، وأخيرا يجب ألا يعزل التدريب على الوعي الصوتي عن السمات المتوازنة في القراءة والكتابة، واستقراء هذه النتائج يوقفنا عند مسألتين: الأولى أن الوعي الصوتي يجب أن يمثل جزءا من برامج تعليم القراءة والكتابة، وأن الانتقال من الجانب الصوتي إلي الجانب الكتابي أمر أساسي في أنشطة الوعي الصوتي. الثانية أن تدريبات الوعي الصوتي ليست تدريبات مجردة، وإنما يجب أن تعالج في سياق ذي معنى، مع التأكيد على معطيات ميدان العلاقات بين القراءة والكتابة .
تأثير الوعي الصوتي في تعليم القراءة:
يستهدف تعليم القراءة إكساب المتعلمين مهارات آلية تمكنهم من حل الرموز الأبجدية، وربطها بأصواتها المعينة لكي تتشكل الكلمات والعبارات والجمل ذات المغزى، وهذه المهارة تستخدم في كل قراءة، وبدون الاتصال بين الرمز والصوت لا تحدث القراءة ، وهي تمثل جزءا حرجا- بصورة أكبر من أي عامل آخر- في برنامج القراءة، وعلى هذا فتعليم القراءة يحتاج إلي نوعين من الانتباه: السمعي والبصري ، وإلي نوعين من الإدراك: السمعي والبصري، وإلي نوعين من التمييز: السمعي والبصري، أي أن نصف ما يحتاجه تعليم القراءة – نظريا - استقبال سمعي للوحدات الصوتية، ومن ثم إسقاط هذه المدخلات السمعية على الصورة البصرية للرمز في محاولة للربط بين الصورتين السمعية والبصرية للوحدة الصوتية من خلال اختزانها في الذاكرتين السمعية والبصرية، فالمدخلات - أصوات ورموزا- يعالجها التدريب على الوعي في احد أهم مستوياتها ،من منطلق " أن مفتاح القراءة هو تمييز الأصوات، وتعلم الترابطات بين الرموز والأصوات، ونقطة البداية هي إدراك الفونيمات ووظائفها التطبيقية " والقراءة تتضمن ربطا بين الصورتين المنطوقة والمكتوبة، و عمليات تحليل وتركيب للوحدات الصوتية ، و نطقا لمقاطع تتشكل من فونيم أو أكثر، وهذا هو جوهر ما يتضمنه التدريب على الوعي الصوتي ، "فالوعي الصوتي ركيزة أساسية لاكتساب مهارات القراءة، ولتهيئة المتعلم لممارسة مهاراتها" .
كما أن التعرف وهو المهارة الأساسية التي يسعى تعليم القراءة وممارساته لإكسابها للمتعلم في المراحل الأولى يحدث من خلال عمليتين رئيستين : التمثيل الإدراكي الحسي للمدخلات السمعية والبصرية ، والمطابقة بين نوعي المدخلات، فالأساس هو التعامل مع الرموز الدالة على الأصوات، وتمثل هذه العلاقة واعتمادها كمدخل للتعرف ، وهو يشمل عمليات تمييز وتحقق على المستويين الصوتي والرمزي.
والتعرف له مستويات ( حرف – كلمة – جملة )، وله استراتيجيات مباشرة واستراتيجيات غير مباشرة ، والوعي الصوتي يعالج هذه المسائل في أحد جانبيها، فهو يمكن المتعلم من تحليل الكلمة وتركيبها وهو أساس في عملية التعرف، وهو – في الوقت نفسه – المانع الأكثر شيوعا لتعلم مهارات تعرف الكلمة، فالوعي الصوتي يتيح للمتعلم فرصا لمعالجة اللغة، لأن عدم قابلية معالجتها يعوق اكتساب مهارات التعرف.
وعلى هذا فإن عمليات التمثيل السمعي والتمثيل البصري- واللتين تمثلان أساس عمليات التمييز – تتشابهان في تضمنها معالجة عناصر مقارنة، وعناصر متعارضة، والفارق بين المثيرات البصرية والمثيرات السمعية أن الأولى ذات أبعاد مكانية ، وتدرك بحاستي البصر واللمس ولها خاصية البقاء والاستمرار ، بينما الثانية مؤقتة ولا تفحص إلا بالأذن، وبالرغم من هذا فإن التمييز السمعي ضروري للتحليل الصوتي ، فكأن مفتاح عملية تعلم القراءة كما أوضح سميث Smith 1995 يبدأ بالقدرة على تمييز الأصوات المختلفة التي تكون الكلمات، ومشاركة هذه الأصوات للرموز المكتوبة ، مما يستوجب إدراك الفونيمات، والقدرة على معالجتها .
والهدف من تدريب المتعلم على مهارات السمع مساعدته على استخدام نظام الكتابة من أجل تحليل الكلمات المكتوبة، وهذا التدريب يحدث على مستويين: الأول إعطاء الحروف المكتوبة مقابلها الصوتي. الثاني تخمين الكلمة ككل ، وتظهر مهارة مزج الأصوات لتعين المتعلم على المستوى الثاني الذي فيه يمزج المتعلم ما بين أصوات الحروف المنفصلة لتكون كلمات منطوقة مألوفة، ومهارات المزج تتيح للمتعلم فرصة التدريب على وصل الخيوط المنعزلة من الأصوات وربطها لتتشكل الكلمات، والتدريب عليها يستلزم أن يقدم المعلم نموذجا للأداء بتقديم الأصوات منفصلة، ثم نطق الكلمة كاملة، أو يبدأ بالكلمة ثم يجزئها، ومن المهم الالتزام بالإيقاع النطقي العادي، وبالنسبة لمهارات الإغلاق فهي تماثل مهارات المزج مع اختلاف واحد هو ترك أحد الأصوات في الكلمة دون أن يذكر ضمن الأصوات المنعزلة التي تشكل كلمة، وهذه المهارات تعطي المتعلم مساحة ليفكر وينتقي بين البدائل.
إن المسألة الأساسية التي أشير إليها ، تجعل مجموعة من المهارات والمتطلبات السمعية والبصرية تتآزر لتحدث ربطا بين الرمز والصوت، مع مراعاة أن تدريس أصوات الحروف ذي طبيعة معقدة تستلزم توظيف مهارة في التمييز السمعي والبصري، ومهارة في الذاكرة لإحداث الربط والاقتران بين المعطيات البصرية والسمعية مع مراعاة ألا تقدم هذه المهارات في عزلة عن سياق يحمل معنى، ومع تخير كلمات تتواتر فيها هذه الخصائص
وتشير نتائج الدراسات- بشكل مباشر ومحدد ومقبول - في مجال التعرف، أن مهارات فهم المقروء، والمهارات العليا في القراءة تعتمد بشكل أساسي على التعرف الذي تتضمن مهاراته الوعي بالكلمة، وهذا يعنى أن القارئ يري الكلمة ، ويشفر معناها في ذاكرته وهو بهذا يحتاج إلي ترجمة الكلمات إلي مكوناتها من الفونيمات، وتذكر التسلسل الذي ائتلفت به، ودمجها معا لتشكل كلمة مستقلة ، وعندما تواجهه هذه الكلمة فإنه يبحث في ذاكرته عن كلمة تجاري في أصواتها هذه الكلمة، والقارئ الناجح يمارس هذه العملية بشكل آلي وسريع، ولا يتبع خطوات البحث في العلاقات بين الفونيمات والرموز، ثم الفونيمات إلي كلمات، ثم الوصول إلي المعنى.
إن تطوير الوعي الصوتي يحقق ربطا جيدا بين الفونيمات والرموز مما يستدعي تقديم الفونيم بشكل واضح، ومن المهم تحقيق الانسجام في المعالجة، وبالسرعة التي يمكن أن يتعلم بها المتعلم، مع ضرورة عرض الصور المختلفة للفونيم في مواضع مختلفة من الكلمة، ويوازي هذا التدريب على مزجها معا لتشكل مقاطع فكلمات، مع مراعاة التدرج في حجم الكلمة، ومدى ألفة المتعلم بها سمعيا، وتسلسل المهام وترابطها، ويجدر الإشارة إلي ضرورة معالجة الأخطاء ، وإتاحة الفرصة للتدريب والممارسة، ومراعاة حاجات كل متعلم.
ويعد التدريب على الوعي الصوتي من عوامل النجاح في القراءة، خاصة وأن دلالته على الاستعداد للقراءة أكبر من دلالة اختبارات الذكاء العامة، ومن اختبارات الاستعداد للقراءة، واختبارات فهم المسموع، كما أن التدريب على الأصوات - استماعا ونطقا ومجاراة ومعالجة - عامل أساسي في تعرف الكلمة، وفي دراسة أجراها أثبت أن نجاح تلاميذ العينة في القراءة، وتقدمهم على أقرانهم في المجموعة الضابطة مرجعة إلي التدريب على الوعي الصوتي، وخلصت نتائج بعض الدراسات إلي أن الوعي الصوتي عامل حاسم في التمييز بين المتعلمين العاديين ومن لديهم صعوبات في تعلم القراءة، وأن تلقى تدريبات في الوعي الصوتي يجعل احتمالات نجاح المتعلم في القراءة أكبر، وإن عدم تلقيها يجعل المتعلم عرضة لصعوبات في تعلم القراءة، أي أن العلاقة بين الوعي الصوتي وتعلم القراءة تبادلية ، فالوعي الصوتي يساند تعلم القراءة ، وتدريس القراءة والخبرات القرائية يسهم في تطويره.
والنطق في القراءة دالة التعرف وهو يعتمد بصورة أساسية على الاستماع، وهذا ما يوفره التدريب على الوعي الصوتي ، فالتدريب الذي يوفره الوعي سيكون مؤشرا على نجاح المتعلم في القراءة أي أن العلاقة بين التدريب على الوعي والقراءة علاقة متبادلة فالوعي سبب في نجاح القراءة، وناتج لها. وكأن التدريب الذي يحدث في صورة وحدات يعد شكلا من أشكال الاقتراب المنظم لممارسة مهارات القراءة، ويوفر الوعي الصوتي تدريبات تبدأ بالاستماع إلي الجمل، وعد الكلمات فيها، وحساب المقاطع في الكلمات، وتعرف التشابهات والاختلافات بين الكلمات في بداياتها ووسطها ونهايتها، فضلا عن التدريبات التي يقدمها الوعي الفونيمي، وكلها تدريبات تجعل اكتساب مهارات التعرف أسرع ، وأقرب إلي الآلية مما يساعد في تطوير كفاءة المتعلم في الربط بين المنطوق والمكتوب، وتكسب المتعلم استراتيجيات متعددة لتعرف الكلمة.
وتبرز العلاقة بين القدرة القرائية والوعي الصوتي على أنها علاقة سببية ثنائية الاتجاه، فالوعي الصوتي قد يكون أحد المتطلبات السابقة للنمو القرائي، ونتيجة للخبرة القرائية، والوعي الصوتي هو الأساس الذي تبنى عليه مهارات القراءة، فبعض جوانب الوعي الصوتي قد لا يبدو نتيجة طبيعية لعامل النضج وإنما نتيجة لتعلم الحروف الهجائية؛ إذ بدون هذا التعلم يظل اكتساب المتعلمين للوعي بالوحدات الصوتية محدودا بدرجة كبيرة، كما أن بعض جوانب الوعي بأصوات الكلام يتطور بصورة مستقلة عن التعليم القرائي ولها تأثير مهم على القدرة القرائية، أو أن بعض جوانب الوعي الصوتي يكتسب كمظهر للنضج في القدرات الذهنية للأطفال .
والتدريب على الوعي الصوتي يتضمن عمليتي التحليل والتوليف الصوتي للكلمات والرموز، وتطابقات الوحدات الصوتية مع ما يقابلها من رموز، والتهجي وتجزئة الكلمة إلي مقاطع، وتجزئة المقطع الواحد، وربط الرموز المطبوعة بالأصوات التي تقابلها، والحروف المترابطة التي تتطابق مع الأصوات والمقطع المرتبط بها، وقراءة الكلمات الناتجة عن تجميع الأصوات أو الحروف، وقراءة كلمات بعد حذف أحد حروفها.
والقضية الأساسية في هذا هي كيفية إجراء هذه المعالجات من زاوية ، وكيف تبنى الخبرات القرائية على هذا الوعي من زاوية ثانية ؟. والانطلاق من القاعدة الهجائية الحروف تمثل أصواتا من زاوية ثالثة.
وتكمن أهمية الوعي الصوتي من منظور آخر في أن تعلم القراءة يتطلب معرفة صريحة بالجوانب الصوتية للكلام، وكي يصبح المتعلم قارئا فاعلا يتوجب عليه تعلم التطابقات المتنوعة بين الحروف وصورها الصوتية، والمعرفة بأن الكلمات تتكون من صور صوتية غير متلاصقة تعد أساسية لبناء قواعد الترابط بين الصور الصوتية ورسمها، والوعي الصوتي يعد مؤشرا بصورة أكبر من معامل الذكاء، والمفردات وفهم المسموع على مدى قدرة الطفل على تعلم القراءة، والحاجة إلي الوعي الصوتي لا تتمثل في أهميته بالنسبة للقراءة فحسب بل هو ضروري لتعلم التهجي، ولاكتساب مهارات الكتابة ، والمتعلم الذي يكتسب مهارات الوعي الصوتي لن يكون بإمكانه أن يتعلم القراءة – فقط - بشكل سليم، بل سيتمكن من تهجي الكلمات بصورة صحيحة دون استظهارها، ومن آثار التدريب على الوعي الصوتي التقدم في ممارسة مهارات الكتابة .
والوعي الصوتي متطلب لتطوير المبدأ الأبجدي، وهو يتعلق بعلاقة الفونيم بالرمز، مما يمكن المتعلم من تعرف الرمز المكتوب، فالقراءة تحتاج في معالجات الوعي الصوتي إلي تدريب المتعلم على التحليل والتركيب حتى يتمكن المتعلم من التمييز والإنتاج على المستوى الشفهي أولا، ثم التعامل مع الرموز المكتوبة في القراءة ثانيا؛ مما يشكل لدى المتعلم حساسية لربط الكلمات ذات البداية الواحدة أو المتشابهة في نهايتها .
وتبرز قيمة المبدأ الأبجدي في أنه يمثل علاقة خاصة تستعمل فيها الرموز المكتوبة لمساندة الفونيمات التي تختلق الكلمات ، فعملية تعلم القراءة والكتابة ترتبط بنظام أبجدي، مما يوجب على المتعلم إدراك كيف يعمل النظام الكتابي، وإدراك هذه الفكرة يتطلب معرفة الفونيمات الفردية خلال التدريب على الوعي الصوتي، وأن هذه الفونيمات تمثلها رموز مكتوبة، هذا الإدراك مفيد في تعرف علاقات الفونيم بالرمز، والتهجي، وتعرف الكلمات، وفي المقابل يؤدي عدم الإدراك إلي استظهار المتعلم لكل كلمة، وهذا له آثاره السلبية على مهارات القراءة ونموها .
إن الوعي الصوتي له من الأهمية ما يستوجب أن يخصص لتدريباته الوقت، وأن يبذل جهد مقصود من أجل إنجاح أنشطته تخطيطا وتنفيذا وتقويما ، وتضيف هذه ة النتائج بعدا آخر يتمثل في ضرورة أن يشكل الوعي الصوتي جزءا من برامج تعليم القراءة والكتابة، وأن تتاح للمبتدئين فرصا للعمل والنشاط لممارسة مهاراته، أما عن زمن التدريب، ونوعه وجوانب التركيز فيقررها المعلم مستندا إلي نتائج الأبحاث في مجال الوعي الصوتي، ووفقا لحاجات المتعلم وقدراته، وأخيرا يجب ألا يعزل التدريب على الوعي الصوتي عن السمات المتوازنة في القراءة والكتابة، واستقراء هذه النتائج يوقفنا عند مسألتين: الأولى أن الوعي الصوتي يجب أن يمثل جزءا من برامج تعليم القراءة والكتابة، وأن الانتقال من الجانب الصوتي إلي الجانب الكتابي أمر أساسي في أنشطة الوعي الصوتي. الثانية أن تدريبات الوعي الصوتي ليست تدريبات مجردة، وإنما يجب أن تعالج في سياق ذي معنى، مع التأكيد على معطيات ميدان العلاقات بين القراءة والكتابة .
تأثير الوعي الصوتي في تعليم القراءة:
يستهدف تعليم القراءة إكساب المتعلمين مهارات آلية تمكنهم من حل الرموز الأبجدية، وربطها بأصواتها المعينة لكي تتشكل الكلمات والعبارات والجمل ذات المغزى، وهذه المهارة تستخدم في كل قراءة، وبدون الاتصال بين الرمز والصوت لا تحدث القراءة ، وهي تمثل جزءا حرجا- بصورة أكبر من أي عامل آخر- في برنامج القراءة، وعلى هذا فتعليم القراءة يحتاج إلي نوعين من الانتباه: السمعي والبصري ، وإلي نوعين من الإدراك: السمعي والبصري، وإلي نوعين من التمييز: السمعي والبصري، أي أن نصف ما يحتاجه تعليم القراءة – نظريا - استقبال سمعي للوحدات الصوتية، ومن ثم إسقاط هذه المدخلات السمعية على الصورة البصرية للرمز في محاولة للربط بين الصورتين السمعية والبصرية للوحدة الصوتية من خلال اختزانها في الذاكرتين السمعية والبصرية، فالمدخلات - أصوات ورموزا- يعالجها التدريب على الوعي في احد أهم مستوياتها ،من منطلق " أن مفتاح القراءة هو تمييز الأصوات، وتعلم الترابطات بين الرموز والأصوات، ونقطة البداية هي إدراك الفونيمات ووظائفها التطبيقية " والقراءة تتضمن ربطا بين الصورتين المنطوقة والمكتوبة، و عمليات تحليل وتركيب للوحدات الصوتية ، و نطقا لمقاطع تتشكل من فونيم أو أكثر، وهذا هو جوهر ما يتضمنه التدريب على الوعي الصوتي ، "فالوعي الصوتي ركيزة أساسية لاكتساب مهارات القراءة، ولتهيئة المتعلم لممارسة مهاراتها" .
كما أن التعرف وهو المهارة الأساسية التي يسعى تعليم القراءة وممارساته لإكسابها للمتعلم في المراحل الأولى يحدث من خلال عمليتين رئيستين : التمثيل الإدراكي الحسي للمدخلات السمعية والبصرية ، والمطابقة بين نوعي المدخلات، فالأساس هو التعامل مع الرموز الدالة على الأصوات، وتمثل هذه العلاقة واعتمادها كمدخل للتعرف ، وهو يشمل عمليات تمييز وتحقق على المستويين الصوتي والرمزي.
والتعرف له مستويات ( حرف – كلمة – جملة )، وله استراتيجيات مباشرة واستراتيجيات غير مباشرة ، والوعي الصوتي يعالج هذه المسائل في أحد جانبيها، فهو يمكن المتعلم من تحليل الكلمة وتركيبها وهو أساس في عملية التعرف، وهو – في الوقت نفسه – المانع الأكثر شيوعا لتعلم مهارات تعرف الكلمة، فالوعي الصوتي يتيح للمتعلم فرصا لمعالجة اللغة، لأن عدم قابلية معالجتها يعوق اكتساب مهارات التعرف.
وعلى هذا فإن عمليات التمثيل السمعي والتمثيل البصري- واللتين تمثلان أساس عمليات التمييز – تتشابهان في تضمنها معالجة عناصر مقارنة، وعناصر متعارضة، والفارق بين المثيرات البصرية والمثيرات السمعية أن الأولى ذات أبعاد مكانية ، وتدرك بحاستي البصر واللمس ولها خاصية البقاء والاستمرار ، بينما الثانية مؤقتة ولا تفحص إلا بالأذن، وبالرغم من هذا فإن التمييز السمعي ضروري للتحليل الصوتي ، فكأن مفتاح عملية تعلم القراءة كما أوضح سميث Smith 1995 يبدأ بالقدرة على تمييز الأصوات المختلفة التي تكون الكلمات، ومشاركة هذه الأصوات للرموز المكتوبة ، مما يستوجب إدراك الفونيمات، والقدرة على معالجتها .
والهدف من تدريب المتعلم على مهارات السمع مساعدته على استخدام نظام الكتابة من أجل تحليل الكلمات المكتوبة، وهذا التدريب يحدث على مستويين: الأول إعطاء الحروف المكتوبة مقابلها الصوتي. الثاني تخمين الكلمة ككل ، وتظهر مهارة مزج الأصوات لتعين المتعلم على المستوى الثاني الذي فيه يمزج المتعلم ما بين أصوات الحروف المنفصلة لتكون كلمات منطوقة مألوفة، ومهارات المزج تتيح للمتعلم فرصة التدريب على وصل الخيوط المنعزلة من الأصوات وربطها لتتشكل الكلمات، والتدريب عليها يستلزم أن يقدم المعلم نموذجا للأداء بتقديم الأصوات منفصلة، ثم نطق الكلمة كاملة، أو يبدأ بالكلمة ثم يجزئها، ومن المهم الالتزام بالإيقاع النطقي العادي، وبالنسبة لمهارات الإغلاق فهي تماثل مهارات المزج مع اختلاف واحد هو ترك أحد الأصوات في الكلمة دون أن يذكر ضمن الأصوات المنعزلة التي تشكل كلمة، وهذه المهارات تعطي المتعلم مساحة ليفكر وينتقي بين البدائل.
إن المسألة الأساسية التي أشير إليها ، تجعل مجموعة من المهارات والمتطلبات السمعية والبصرية تتآزر لتحدث ربطا بين الرمز والصوت، مع مراعاة أن تدريس أصوات الحروف ذي طبيعة معقدة تستلزم توظيف مهارة في التمييز السمعي والبصري، ومهارة في الذاكرة لإحداث الربط والاقتران بين المعطيات البصرية والسمعية مع مراعاة ألا تقدم هذه المهارات في عزلة عن سياق يحمل معنى، ومع تخير كلمات تتواتر فيها هذه الخصائص
وتشير نتائج الدراسات- بشكل مباشر ومحدد ومقبول - في مجال التعرف، أن مهارات فهم المقروء، والمهارات العليا في القراءة تعتمد بشكل أساسي على التعرف الذي تتضمن مهاراته الوعي بالكلمة، وهذا يعنى أن القارئ يري الكلمة ، ويشفر معناها في ذاكرته وهو بهذا يحتاج إلي ترجمة الكلمات إلي مكوناتها من الفونيمات، وتذكر التسلسل الذي ائتلفت به، ودمجها معا لتشكل كلمة مستقلة ، وعندما تواجهه هذه الكلمة فإنه يبحث في ذاكرته عن كلمة تجاري في أصواتها هذه الكلمة، والقارئ الناجح يمارس هذه العملية بشكل آلي وسريع، ولا يتبع خطوات البحث في العلاقات بين الفونيمات والرموز، ثم الفونيمات إلي كلمات، ثم الوصول إلي المعنى.
إن تطوير الوعي الصوتي يحقق ربطا جيدا بين الفونيمات والرموز مما يستدعي تقديم الفونيم بشكل واضح، ومن المهم تحقيق الانسجام في المعالجة، وبالسرعة التي يمكن أن يتعلم بها المتعلم، مع ضرورة عرض الصور المختلفة للفونيم في مواضع مختلفة من الكلمة، ويوازي هذا التدريب على مزجها معا لتشكل مقاطع فكلمات، مع مراعاة التدرج في حجم الكلمة، ومدى ألفة المتعلم بها سمعيا، وتسلسل المهام وترابطها، ويجدر الإشارة إلي ضرورة معالجة الأخطاء ، وإتاحة الفرصة للتدريب والممارسة، ومراعاة حاجات كل متعلم.
ويعد التدريب على الوعي الصوتي من عوامل النجاح في القراءة، خاصة وأن دلالته على الاستعداد للقراءة أكبر من دلالة اختبارات الذكاء العامة، ومن اختبارات الاستعداد للقراءة، واختبارات فهم المسموع، كما أن التدريب على الأصوات - استماعا ونطقا ومجاراة ومعالجة - عامل أساسي في تعرف الكلمة، وفي دراسة أجراها أثبت أن نجاح تلاميذ العينة في القراءة، وتقدمهم على أقرانهم في المجموعة الضابطة مرجعة إلي التدريب على الوعي الصوتي، وخلصت نتائج بعض الدراسات إلي أن الوعي الصوتي عامل حاسم في التمييز بين المتعلمين العاديين ومن لديهم صعوبات في تعلم القراءة، وأن تلقى تدريبات في الوعي الصوتي يجعل احتمالات نجاح المتعلم في القراءة أكبر، وإن عدم تلقيها يجعل المتعلم عرضة لصعوبات في تعلم القراءة، أي أن العلاقة بين الوعي الصوتي وتعلم القراءة تبادلية ، فالوعي الصوتي يساند تعلم القراءة ، وتدريس القراءة والخبرات القرائية يسهم في تطويره.
والنطق في القراءة دالة التعرف وهو يعتمد بصورة أساسية على الاستماع، وهذا ما يوفره التدريب على الوعي الصوتي ، فالتدريب الذي يوفره الوعي سيكون مؤشرا على نجاح المتعلم في القراءة أي أن العلاقة بين التدريب على الوعي والقراءة علاقة متبادلة فالوعي سبب في نجاح القراءة، وناتج لها. وكأن التدريب الذي يحدث في صورة وحدات يعد شكلا من أشكال الاقتراب المنظم لممارسة مهارات القراءة، ويوفر الوعي الصوتي تدريبات تبدأ بالاستماع إلي الجمل، وعد الكلمات فيها، وحساب المقاطع في الكلمات، وتعرف التشابهات والاختلافات بين الكلمات في بداياتها ووسطها ونهايتها، فضلا عن التدريبات التي يقدمها الوعي الفونيمي، وكلها تدريبات تجعل اكتساب مهارات التعرف أسرع ، وأقرب إلي الآلية مما يساعد في تطوير كفاءة المتعلم في الربط بين المنطوق والمكتوب، وتكسب المتعلم استراتيجيات متعددة لتعرف الكلمة.