جمال
Admin
- 📬
- 755
- ❓
- 0
- 👍
- 90
- 🏆
- 28
يعتبرالخطأ التربوي أحد أهم المفاهيم التي أضحت تتمتع بمكانة خاصة داخل المنظومة التعليمية خصوصا ،والفكرية عموما، وذلك بفضل اعتماد المجتمع الدولي لاتفاقية حقوق الطفل التي شكلت منعطفا انتقاليا هاما في تاريخ الأطفال بالانتقال من مستوى الاختيارات الفلسفية النظرية إلى مستوى الإكراهات القانونية الإلزامية .
ومن تم انبثقت فكرة حق الطفل في الخطأ إلى جانب حقوق أخرى كالحق في العيش الكريم وامتلاك أسرار خاصة به والاحتجاج على الظلم ...
من هذا المنطلق الحقوقي الفسيح نتساءل حول مفهوم الخطأ و دلالته التربوية بين التصور البيداغوجي التقليدي و الحديث، كما نتساءل عن أهم مصادره و أنواعه،و نتساءل إلى أي حد يمكن للخطأ إن يكون فاعلا في التعلم ،أي هل للخطأ وظيفة بيداغوجية ايجابية في مسار المتعلم الدراسي؟؟ ام انه يظل عاملا من عوامل الافشال و الارباك الصفي؟
و كيف يمكن للأستاذ الممارس أن يتعامل مع أخطاء تلاميذه وتصحيحها بيداغوجيا وج علها أداة ايجابية داخل الممارسة الصفية؟
كلها إشكالات سنتطرق للإجابة عنها خلال العرض في محاولة للاقتراب
أكثر من مفهوم الخطأ التربوي.
العرض
ان الحمولة الإشكالية للخطأ تضعنا أمام صعوبة تحديد مفهومه حيث نجد تداخلا كبيرا بين مفهومي الخطأ و الغلط.
فيدل الخطأ على وجود حالة فكرية لدى الفرد تمنعه من التعاطي مع الحقيقة كمعطى ايجابي.في حين يحيل لفظ الغلط على حمولة أخلاقية و دينية و قانونية تعتبر الغلط خروجا عن الصواب يستوجب العقاب و الزجر.
لكن و رغم التفاوت بين المفهومين، إلا أنهما يتقاطعان في كون كليهما نوعا من أنواع الخروج عن الصواب المعرفي أو الأخلاقي القانوني.
و من المنظور البيداغوجي التربوي يمكن اعتبار الخطأ حالة من المعرفة الناقصة نتيجة لسوء فهم أو نتيجة لخلل في سيرورة التعليم و التعلم .كما يمكن اعتباره ذلك الأثر الذي تخلفه المعارف السابقة و التي كانت إلى حد قريب أو بعيد حقائق ثابتة في حياة الطفل لكنها أصبحت خاطئة أو غير ملائمة.
كما يتحديد الخطأ بيداغوجيا بوصفه تلك الحالة من التوتر و الارتباك التي يصاب بها المتعلم لحظة اصطدام معارفه السابقة الخاطئة بالمعارف الجديدة التي تضحدها او تشكل تهديدا لها.
و يستمد الخطأ غناه المفاهيمي و الاشكالي من تعدد مصادره و التي يمكن تصنيفها الى:
1) مصادر داخلية :يرجع الخطأ فيها إلى عوامل مرتبطة بالمتعلم، يمكن الفصل فيها بين :
مصادر بيولوجية: و تعني عدم توافق المستوى النمائي و النضج الفكري للمتعلم مع المستوى المفاهيمي المقدم إليه ومثال ذلك ان تتناول موضوع الذرة مع طفل في السابعة من عمره.
و أخرى سيكولوجية:كأن يكون للطفل توجس و خوف من مواقف و مواضيع معينة بسبب تجربة سابقة،او يعاني الطفل من الخجل وعدم الثقة بالنفس...
2)مصادر خارجية : قد ترتبط بالمنهاج الدراسي و المقررات او بعملية النقل الديداكتيكي للمعارف و الطرق المعتمدة من طرف المدرس في عملية النقل هاته،كما قد ترتبط بالوسائل و المعينات كأن يفشل الاستاذ في اختيار الوسيلة الملائمة لشرح ظاهرة معينة .
كما يمكن للخطا أن ينتج عن غموض الأهداف المتوخاة من التعلم حيث يحتفظ بعض الاساتدة بهده الاهداف في مذكراتهم و لا يشركون المتعلم في الاطلاع عليها مما قد يقلل فرص الوقوع في اخطاء كالخروج عن موضوع الدرس أو البحث عن الحل خارج المعطيات المقدمة..
ان للخطأ مصادر متنوعة و مصدر الخطأ يتحكم الى حد كبير في تحديد نوعيتة و درجة تعقده من بساطته.
و تتفاوت أنواع الاخطاء تبعا لدرجة صعوبتها بين:
-الاخطاء البسيطة :و التي ترتبط في الغالب بتفاصيل بعض المفاهيم التي استعصى على المتعلم ضبطها و هذه الأخطاء يمكن تصحيحها فوريا و في سياقها باجراء سريع يكفل ذلك.
-و بين الأخطاء المركبة :التي قد يعبر عنها المتعلم في سؤال او استفسار يعمل الاستاد على الاجابة عليه أو احالة المتعلم على روافد البحث في الموضوع.
و في المرتبة الثالثة نجد الأخطاء المركبة جدا و المرتبطة في الغالب بافكار و تصورات و مفاهيم خاطئة لدى المتعلم يعمل الاستاد على ادماجها في اطارها التربوي المناسب الى أن تتضح معالمها تدريجيا للمتعلم.
اما أصعب أنواع الاخطاء التي قد تصادف الممارس حسب غاستون باشلار فهي الأخطاء العوائق حيث يكون الخطأ مقترناب حاجز يمنع تجاوب الذات مع الموضوع :
إن العائق حاجز يجب تحطيمه حسب باشلار
إن العائق يهذا المفهوم شبيه بالغابة التي تحجب الشمس أو بالقناع الذي يمنع الحقيقة من الوصول إلى عقل المتعلم.
إن الأستاذ أمام الخطأ العائق لا يصبح هدفه تصحيح الخطأ و تقويمه. بل يصبح رهانه الأهم كيفية التغلب على العائق و إزالته للتمكن من الوصول إلى الخطأ ثم تصحيحه. و من هنا انبثق مفهوم الهدف العائق: وه و هدف يصوغه المدرس لتجاوز العائق، و يسطر له الخطوات والوسائل اللازمة.
أنداك تبقى لكل أستاذ طريقته الملائمة في اختيار العوائق المطلوب تجاوزها
بترجمتها في صيغة أهداف عوائق ،أي ترجمة العوائق في شكل أهداف تعلمية.
يبدو من خلال هذا الطرح إن للخطأ حضور قوي داخل الممارسة الصفية و ان لكل متعلم نوع معين من الأخطاء .
و يبقى الإشكال مطروحا حول التصور الذي يتخده الخطأ لدى الممارسين وحول الكيفية التي يتعامل بها كل استاد مع أخطاء متعلميه أو النظرة التي ينظر بها الأستاذ إلى خطأ المتعلم.
و نميز في هذا الصدد بين بيداغوجيتين اثنتين لكل منهما نظرتها الخاصة لمفهوم الخطأ :
1- البيداغوجية التقليدية أو الكلاسيكية:
و التي تعتبرا لخطأ مؤشرا من مؤشرات فشل الفعل التربوي وعاملا من عوامل التشويش على مجرى التعلم.
و الأستاذ في إطار هذه البيداغوجيا يتأهب من أخطاء تلاميذه و يعمل على مقابلتها بالزجر وك أنها طعن في كفاءته و نكران لجهوده .حتى إن بعض الأساتذة المنتمين لهدها لبيداغوجيا يرفضون التعاطي مع الخطأ و يعمدون إلى إقصائه و التغاضي عنه، فيصبح الخطأ أداة ترهيب للمعلم و المتعلم على حد السواء .
كما أن هناك فئة أخرى من الأساتذة الموهومين بتملك السلطة المعرفية يعمدون إلى إظهار الخطأ لدى المتعلم لكن ليس بهدف التصحيح أو الإفادة بل من أجل تحسيس المتعلم بالدونية و الخضوع الدائم لسلطتهم المعرفية.
كما تتضح النظرة السلبية للخطأ في هذا المنظور من خلال كونه يشكل عامل استقطاب للمدرس في كل أعمال المتعلم حيث يتم التركيز بشكل مكثف على أخطاء المتعلم في إهمال تام لانجازاته الايجابية. فيصبح الخطأ أداة اقصائية لامعنى فيها للانصاف.
يبدو جليا ان هذا التصور القاتم للخطأ نابع في الأساس من اعتقاد أصحابه أن السير الناجح للتعلمات يقوم على معيار الأداء السريع للدرس بأقل مجهود و في زمن قياسي لذلك يعمل هؤلاء على إقصاء الخطأ و ابعاده.
إن نظرة المعلم للخطأ تنتقل سريعا كالعدوى إلى المتعلم الذي يصبح متوجسا من الوقوع فيه خشية العقاب و التوبيخ أو خشية استهزاء الأقران منه.
إن هذه النظرة التقليدية السوداوية للخطأ تدفعنا الى الرغبة الشديدة في معرفة مفهوم هذا الأخير في:
2- المنظور البيداغوجي الحديث :
حيث يتمتع الخطأ في البيداغوجيا الحديثة بنفس قيمة الحقيقة في بناء المعرفة و لا أدل على ذلك من ظهور بيداغوجيا خاصة به تسمى بيداغوجيا الخطأو هي بيداغوجيا تجعل من الخطأ لحظة هامة في البناء المعرفي، بل و تعتبره لحظة انطلاقه.
و يميل الأستاذ في هذا الإتجاه إلى الكشف عن أخطاء تلاميذه والتعاطي معها بايجابية باعتبارها مؤشرا على وجود صعوبات و عوائق تحول دون الاكتساب السليم للمعارف.
إن البيداغوجيا الحديثة تعترف بحق الطفل في التعلم بالخطأ و تحفز هذا الأخير على الاعتراف بأخطائه و العمل على تصحيحها و الاستفادة منها.
و ينعكس الأثر الايجابي لنظرة الأستاذ للخطأ على سلوك المتعلم الذي يتخلص من عقدة الخطأ التي ظلت تطارده طويلا، فيصبح شجاعا في طرح أفكاره أمام زملائه و منطلقا في عرض إبداعاته، و متقبلا لأخطائه درجة تقبله لصوابه.
و يعتبر بحث الأستاذ عن أسباب و مصادر الأخطاء دليلا على الرغبة في تصحيحها تصحيحا بيداغوجيا سليما، و جعلها تتلاءم مع الواقع في ارتياح اي دون ان يتسبب تصحيحها في مشاكل نفسية او عاطفية للمتعلم . فاقتلاع الخطأ دفعة واحدة يشبه اقتلاع ضرس مريضة دون مسكن.و هدا التعامل مرفوض في ظل هذا المنظور البيداغوجي.
إن الأستاذ الذكي هوا لذي لا يقدم الحقائق جاهزة لتلاميذه الدين يعانون من صعوبات، و انما يستدرجهم إلى اكتسابها كغيرهم من التلاميذ الآخرين. فالطفل بطبعه يتمسك بكل معرفة توصل إليها بمجهوده الخاص،في حين ينسلخ بسرعة من كل المعارف التي تقدم له جاهزة أو يحفظها تحت الضغط دون فهمها و استيعابها.
إن معالجة الخطأ لا تعني تبسيطه و تدليله، بل تعني التعامل معه بحذر شديد كي لا يتفاقم و يتطور كما أنها لا تعني سلك الطرق المختصرة توفيرا للجهد فخطورة الخطأ تفرض خصوصية في التعامل معه.
و هنا يأتي دور المدرس في رسم خارطة الطريق التي سيسلكها لتصحيح الأخطاء لدى تلاميذه و هو طريق سيسلكه في أربع خطوات أساسية:
1-تحديد الخطأ تحديدا تقنيا صرفا بمعرفة مكانه و التأشير عليه و ان كان تأشيرا ذهنيا المهم ضبطه.
2 وصف الخطأ وصفا دقيقا بتحديد نوعه :إملائي،معجمي،تركيبي...
3 -البحث عن مصادره ضمن المصادرالتي ذكرناها سابقا. و تعتبر معرفة مصدر الخطأ أهم مرحلة في علاجه لأنه إذا عرف الداء عرف الدواء و يمكن للأستاذ أن يعتمد على حدسه؛ بوصفه عارفا بمستوى المتعلم و ظروفه و بالصعوبات التي مر بها في الماضي.كما يستند الأستاذ في رحلة البحث عن مصادرالأخطاء على تقنية واضحة، او بيداغوجية معينة ،كالملاحظة و التقويم، و هي أدوات تساعده على وضع فرضيات حول مصادر الأخطاء بكيفية واضحة.
4 نأتي في الأخير الى مرحلة اختيار أساليب التصحيح أو العلاج المناسبة للأخطاء و من أهم أساليب علاج و تصحيح الأخطاء:المعالجة بالتغذية الراجعة،المعالجة بإعمال تكميلية، و بتنمية مهارة الفهم و الحفظ. المعالجة باستعمال تقنية جديدة ،و المعالجة بإعادة النظر في العوامل الأساسية:مناخ الفصل الدراسي او اعادة التعلمات السابقة بقرار تكرار القسم وطلب مساعدة خارجية كتدخل الاسرة ..
و هذا مثال عن كيفية ملاحقة الخطأ بهدف تصحيحه:
سياق الخطأ: موضوع انشائي
1تحديد الخطأ: بوضع خط تحت الجمل الغير المنسجمة و الأخطاء الإملائية..
2وصف الخطأ: بكتابة ملاحظة على هامش ورقة التحرير:عدم انسجام النص.
3البحث عن مصادر الخطأ الممكنة :فقر الرصيد اللغوي و المعجمي الذي لايتيح له التعبير عن أفكاره في الموضوع نظرا لقلة فرص المطالعة و اغناء الرصيد.
4 مرحلة البحث عن العلاجاتا لمناسبة للخطأ:
و ذلك بتوفير المتعلم فرص المطالعة بإمكانية إنشاء مكتبة القسم و احالته على الاستعمال المتواصل للقاموس لاكتساب مفردات جديدة تساعده على التعبير عن أفكاره....
و بتجاوز الخطأ يكون هذا الأخير قد أدى وظيفته البيداغوجية و ساهم في تحقيق شرط التعلم، فالخطأ و الصواب عنصران هامان في الممارسة الصفية خصوصا إذا ما تم استغلالهما الاستغلال السليم بإحداث المدرس لوضعيات من الصراع السوسيومعرفي لدى المتعلمين و زعزعة معارفهم السابقة و جعلها قابلة للخطأ قابلة للتكيف أمام الحقيقة.
من خلال التفصيل لمجمل الإشكاليات المطروحة علينا مسبقا
يتضح أن للخطأ قيمة معرفية لا تقل عن تلك التي للحقيقة.
كما يتضح أن هذا المفهوم يتأرجح بين تصورين هامين الأول تقليدي، يعتبرالخطأ نقطة فشل في مسار المعلم و المتعلم على السواء.
و الثاني حديث، يرى في الخطأ قاطرة للعبور نحو المعرفة و الحقيقة.
كما يتضح بجلاء من خلال العرض الدور الهام الذي يلعبه الخطأ في اكتساب التعلمات و إغناء الممارسة الصفية .
كما نستشف الأثر الايجابي الكبير الذي يخلفه الخطأ في نفس المتعلم إذا ما تم إقناعه بحقه في ارتكابه، و بقيمة البحث عن أسبابه، و طرق علاجه و تصحيحه.
خاتمة:
إننا نحن و مواقفنا و آراءنا في تجدد مستمر.فقد تعرضت تصوراتنا حول العديد من المفاهيم للتحول، فخطأ اليوم قد يصبح في الغد حقيقة في حياتنا.
و جزء كبير من حقيقة الأمس أضحى اليوم أخطاءا لأنه لم يعد يتوافق مع معطيات الحاضر،و بالتالي أصبح من الضروري تصحيحها و الا ظللنا الطريق، و عشنا الحاضر أغرابا بسبب أخطائنا.
فإلى أي مدى نسهم كمربين في انتشال متعلمينا من ظلمات أخطائهم، إلى أنوار الحقيقة و الصواب؟؟.
كلمة ختامية:
ان العرض محاولة للإحاطة بكل المفاهيم التي ترتبط بالخطأ في مفهومه التربوي .
و ما وجدتم به من توفيق فمن عند الله و ما كان به من نقص فمن نفسي .
بقلم مريم الوادي
أستاذة التعليم الابتدائي
تاونات
ومن تم انبثقت فكرة حق الطفل في الخطأ إلى جانب حقوق أخرى كالحق في العيش الكريم وامتلاك أسرار خاصة به والاحتجاج على الظلم ...
من هذا المنطلق الحقوقي الفسيح نتساءل حول مفهوم الخطأ و دلالته التربوية بين التصور البيداغوجي التقليدي و الحديث، كما نتساءل عن أهم مصادره و أنواعه،و نتساءل إلى أي حد يمكن للخطأ إن يكون فاعلا في التعلم ،أي هل للخطأ وظيفة بيداغوجية ايجابية في مسار المتعلم الدراسي؟؟ ام انه يظل عاملا من عوامل الافشال و الارباك الصفي؟
و كيف يمكن للأستاذ الممارس أن يتعامل مع أخطاء تلاميذه وتصحيحها بيداغوجيا وج علها أداة ايجابية داخل الممارسة الصفية؟
كلها إشكالات سنتطرق للإجابة عنها خلال العرض في محاولة للاقتراب
أكثر من مفهوم الخطأ التربوي.
العرض
ان الحمولة الإشكالية للخطأ تضعنا أمام صعوبة تحديد مفهومه حيث نجد تداخلا كبيرا بين مفهومي الخطأ و الغلط.
فيدل الخطأ على وجود حالة فكرية لدى الفرد تمنعه من التعاطي مع الحقيقة كمعطى ايجابي.في حين يحيل لفظ الغلط على حمولة أخلاقية و دينية و قانونية تعتبر الغلط خروجا عن الصواب يستوجب العقاب و الزجر.
لكن و رغم التفاوت بين المفهومين، إلا أنهما يتقاطعان في كون كليهما نوعا من أنواع الخروج عن الصواب المعرفي أو الأخلاقي القانوني.
و من المنظور البيداغوجي التربوي يمكن اعتبار الخطأ حالة من المعرفة الناقصة نتيجة لسوء فهم أو نتيجة لخلل في سيرورة التعليم و التعلم .كما يمكن اعتباره ذلك الأثر الذي تخلفه المعارف السابقة و التي كانت إلى حد قريب أو بعيد حقائق ثابتة في حياة الطفل لكنها أصبحت خاطئة أو غير ملائمة.
كما يتحديد الخطأ بيداغوجيا بوصفه تلك الحالة من التوتر و الارتباك التي يصاب بها المتعلم لحظة اصطدام معارفه السابقة الخاطئة بالمعارف الجديدة التي تضحدها او تشكل تهديدا لها.
و يستمد الخطأ غناه المفاهيمي و الاشكالي من تعدد مصادره و التي يمكن تصنيفها الى:
1) مصادر داخلية :يرجع الخطأ فيها إلى عوامل مرتبطة بالمتعلم، يمكن الفصل فيها بين :
مصادر بيولوجية: و تعني عدم توافق المستوى النمائي و النضج الفكري للمتعلم مع المستوى المفاهيمي المقدم إليه ومثال ذلك ان تتناول موضوع الذرة مع طفل في السابعة من عمره.
و أخرى سيكولوجية:كأن يكون للطفل توجس و خوف من مواقف و مواضيع معينة بسبب تجربة سابقة،او يعاني الطفل من الخجل وعدم الثقة بالنفس...
2)مصادر خارجية : قد ترتبط بالمنهاج الدراسي و المقررات او بعملية النقل الديداكتيكي للمعارف و الطرق المعتمدة من طرف المدرس في عملية النقل هاته،كما قد ترتبط بالوسائل و المعينات كأن يفشل الاستاذ في اختيار الوسيلة الملائمة لشرح ظاهرة معينة .
كما يمكن للخطا أن ينتج عن غموض الأهداف المتوخاة من التعلم حيث يحتفظ بعض الاساتدة بهده الاهداف في مذكراتهم و لا يشركون المتعلم في الاطلاع عليها مما قد يقلل فرص الوقوع في اخطاء كالخروج عن موضوع الدرس أو البحث عن الحل خارج المعطيات المقدمة..
ان للخطأ مصادر متنوعة و مصدر الخطأ يتحكم الى حد كبير في تحديد نوعيتة و درجة تعقده من بساطته.
و تتفاوت أنواع الاخطاء تبعا لدرجة صعوبتها بين:
-الاخطاء البسيطة :و التي ترتبط في الغالب بتفاصيل بعض المفاهيم التي استعصى على المتعلم ضبطها و هذه الأخطاء يمكن تصحيحها فوريا و في سياقها باجراء سريع يكفل ذلك.
-و بين الأخطاء المركبة :التي قد يعبر عنها المتعلم في سؤال او استفسار يعمل الاستاد على الاجابة عليه أو احالة المتعلم على روافد البحث في الموضوع.
و في المرتبة الثالثة نجد الأخطاء المركبة جدا و المرتبطة في الغالب بافكار و تصورات و مفاهيم خاطئة لدى المتعلم يعمل الاستاد على ادماجها في اطارها التربوي المناسب الى أن تتضح معالمها تدريجيا للمتعلم.
اما أصعب أنواع الاخطاء التي قد تصادف الممارس حسب غاستون باشلار فهي الأخطاء العوائق حيث يكون الخطأ مقترناب حاجز يمنع تجاوب الذات مع الموضوع :
إن العائق حاجز يجب تحطيمه حسب باشلار
إن العائق يهذا المفهوم شبيه بالغابة التي تحجب الشمس أو بالقناع الذي يمنع الحقيقة من الوصول إلى عقل المتعلم.
إن الأستاذ أمام الخطأ العائق لا يصبح هدفه تصحيح الخطأ و تقويمه. بل يصبح رهانه الأهم كيفية التغلب على العائق و إزالته للتمكن من الوصول إلى الخطأ ثم تصحيحه. و من هنا انبثق مفهوم الهدف العائق: وه و هدف يصوغه المدرس لتجاوز العائق، و يسطر له الخطوات والوسائل اللازمة.
أنداك تبقى لكل أستاذ طريقته الملائمة في اختيار العوائق المطلوب تجاوزها
بترجمتها في صيغة أهداف عوائق ،أي ترجمة العوائق في شكل أهداف تعلمية.
يبدو من خلال هذا الطرح إن للخطأ حضور قوي داخل الممارسة الصفية و ان لكل متعلم نوع معين من الأخطاء .
و يبقى الإشكال مطروحا حول التصور الذي يتخده الخطأ لدى الممارسين وحول الكيفية التي يتعامل بها كل استاد مع أخطاء متعلميه أو النظرة التي ينظر بها الأستاذ إلى خطأ المتعلم.
و نميز في هذا الصدد بين بيداغوجيتين اثنتين لكل منهما نظرتها الخاصة لمفهوم الخطأ :
1- البيداغوجية التقليدية أو الكلاسيكية:
و التي تعتبرا لخطأ مؤشرا من مؤشرات فشل الفعل التربوي وعاملا من عوامل التشويش على مجرى التعلم.
و الأستاذ في إطار هذه البيداغوجيا يتأهب من أخطاء تلاميذه و يعمل على مقابلتها بالزجر وك أنها طعن في كفاءته و نكران لجهوده .حتى إن بعض الأساتذة المنتمين لهدها لبيداغوجيا يرفضون التعاطي مع الخطأ و يعمدون إلى إقصائه و التغاضي عنه، فيصبح الخطأ أداة ترهيب للمعلم و المتعلم على حد السواء .
كما أن هناك فئة أخرى من الأساتذة الموهومين بتملك السلطة المعرفية يعمدون إلى إظهار الخطأ لدى المتعلم لكن ليس بهدف التصحيح أو الإفادة بل من أجل تحسيس المتعلم بالدونية و الخضوع الدائم لسلطتهم المعرفية.
كما تتضح النظرة السلبية للخطأ في هذا المنظور من خلال كونه يشكل عامل استقطاب للمدرس في كل أعمال المتعلم حيث يتم التركيز بشكل مكثف على أخطاء المتعلم في إهمال تام لانجازاته الايجابية. فيصبح الخطأ أداة اقصائية لامعنى فيها للانصاف.
يبدو جليا ان هذا التصور القاتم للخطأ نابع في الأساس من اعتقاد أصحابه أن السير الناجح للتعلمات يقوم على معيار الأداء السريع للدرس بأقل مجهود و في زمن قياسي لذلك يعمل هؤلاء على إقصاء الخطأ و ابعاده.
إن نظرة المعلم للخطأ تنتقل سريعا كالعدوى إلى المتعلم الذي يصبح متوجسا من الوقوع فيه خشية العقاب و التوبيخ أو خشية استهزاء الأقران منه.
إن هذه النظرة التقليدية السوداوية للخطأ تدفعنا الى الرغبة الشديدة في معرفة مفهوم هذا الأخير في:
2- المنظور البيداغوجي الحديث :
حيث يتمتع الخطأ في البيداغوجيا الحديثة بنفس قيمة الحقيقة في بناء المعرفة و لا أدل على ذلك من ظهور بيداغوجيا خاصة به تسمى بيداغوجيا الخطأو هي بيداغوجيا تجعل من الخطأ لحظة هامة في البناء المعرفي، بل و تعتبره لحظة انطلاقه.
و يميل الأستاذ في هذا الإتجاه إلى الكشف عن أخطاء تلاميذه والتعاطي معها بايجابية باعتبارها مؤشرا على وجود صعوبات و عوائق تحول دون الاكتساب السليم للمعارف.
إن البيداغوجيا الحديثة تعترف بحق الطفل في التعلم بالخطأ و تحفز هذا الأخير على الاعتراف بأخطائه و العمل على تصحيحها و الاستفادة منها.
و ينعكس الأثر الايجابي لنظرة الأستاذ للخطأ على سلوك المتعلم الذي يتخلص من عقدة الخطأ التي ظلت تطارده طويلا، فيصبح شجاعا في طرح أفكاره أمام زملائه و منطلقا في عرض إبداعاته، و متقبلا لأخطائه درجة تقبله لصوابه.
و يعتبر بحث الأستاذ عن أسباب و مصادر الأخطاء دليلا على الرغبة في تصحيحها تصحيحا بيداغوجيا سليما، و جعلها تتلاءم مع الواقع في ارتياح اي دون ان يتسبب تصحيحها في مشاكل نفسية او عاطفية للمتعلم . فاقتلاع الخطأ دفعة واحدة يشبه اقتلاع ضرس مريضة دون مسكن.و هدا التعامل مرفوض في ظل هذا المنظور البيداغوجي.
إن الأستاذ الذكي هوا لذي لا يقدم الحقائق جاهزة لتلاميذه الدين يعانون من صعوبات، و انما يستدرجهم إلى اكتسابها كغيرهم من التلاميذ الآخرين. فالطفل بطبعه يتمسك بكل معرفة توصل إليها بمجهوده الخاص،في حين ينسلخ بسرعة من كل المعارف التي تقدم له جاهزة أو يحفظها تحت الضغط دون فهمها و استيعابها.
إن معالجة الخطأ لا تعني تبسيطه و تدليله، بل تعني التعامل معه بحذر شديد كي لا يتفاقم و يتطور كما أنها لا تعني سلك الطرق المختصرة توفيرا للجهد فخطورة الخطأ تفرض خصوصية في التعامل معه.
و هنا يأتي دور المدرس في رسم خارطة الطريق التي سيسلكها لتصحيح الأخطاء لدى تلاميذه و هو طريق سيسلكه في أربع خطوات أساسية:
1-تحديد الخطأ تحديدا تقنيا صرفا بمعرفة مكانه و التأشير عليه و ان كان تأشيرا ذهنيا المهم ضبطه.
2 وصف الخطأ وصفا دقيقا بتحديد نوعه :إملائي،معجمي،تركيبي...
3 -البحث عن مصادره ضمن المصادرالتي ذكرناها سابقا. و تعتبر معرفة مصدر الخطأ أهم مرحلة في علاجه لأنه إذا عرف الداء عرف الدواء و يمكن للأستاذ أن يعتمد على حدسه؛ بوصفه عارفا بمستوى المتعلم و ظروفه و بالصعوبات التي مر بها في الماضي.كما يستند الأستاذ في رحلة البحث عن مصادرالأخطاء على تقنية واضحة، او بيداغوجية معينة ،كالملاحظة و التقويم، و هي أدوات تساعده على وضع فرضيات حول مصادر الأخطاء بكيفية واضحة.
4 نأتي في الأخير الى مرحلة اختيار أساليب التصحيح أو العلاج المناسبة للأخطاء و من أهم أساليب علاج و تصحيح الأخطاء:المعالجة بالتغذية الراجعة،المعالجة بإعمال تكميلية، و بتنمية مهارة الفهم و الحفظ. المعالجة باستعمال تقنية جديدة ،و المعالجة بإعادة النظر في العوامل الأساسية:مناخ الفصل الدراسي او اعادة التعلمات السابقة بقرار تكرار القسم وطلب مساعدة خارجية كتدخل الاسرة ..
و هذا مثال عن كيفية ملاحقة الخطأ بهدف تصحيحه:
سياق الخطأ: موضوع انشائي
1تحديد الخطأ: بوضع خط تحت الجمل الغير المنسجمة و الأخطاء الإملائية..
2وصف الخطأ: بكتابة ملاحظة على هامش ورقة التحرير:عدم انسجام النص.
3البحث عن مصادر الخطأ الممكنة :فقر الرصيد اللغوي و المعجمي الذي لايتيح له التعبير عن أفكاره في الموضوع نظرا لقلة فرص المطالعة و اغناء الرصيد.
4 مرحلة البحث عن العلاجاتا لمناسبة للخطأ:
و ذلك بتوفير المتعلم فرص المطالعة بإمكانية إنشاء مكتبة القسم و احالته على الاستعمال المتواصل للقاموس لاكتساب مفردات جديدة تساعده على التعبير عن أفكاره....
و بتجاوز الخطأ يكون هذا الأخير قد أدى وظيفته البيداغوجية و ساهم في تحقيق شرط التعلم، فالخطأ و الصواب عنصران هامان في الممارسة الصفية خصوصا إذا ما تم استغلالهما الاستغلال السليم بإحداث المدرس لوضعيات من الصراع السوسيومعرفي لدى المتعلمين و زعزعة معارفهم السابقة و جعلها قابلة للخطأ قابلة للتكيف أمام الحقيقة.
من خلال التفصيل لمجمل الإشكاليات المطروحة علينا مسبقا
يتضح أن للخطأ قيمة معرفية لا تقل عن تلك التي للحقيقة.
كما يتضح أن هذا المفهوم يتأرجح بين تصورين هامين الأول تقليدي، يعتبرالخطأ نقطة فشل في مسار المعلم و المتعلم على السواء.
و الثاني حديث، يرى في الخطأ قاطرة للعبور نحو المعرفة و الحقيقة.
كما يتضح بجلاء من خلال العرض الدور الهام الذي يلعبه الخطأ في اكتساب التعلمات و إغناء الممارسة الصفية .
كما نستشف الأثر الايجابي الكبير الذي يخلفه الخطأ في نفس المتعلم إذا ما تم إقناعه بحقه في ارتكابه، و بقيمة البحث عن أسبابه، و طرق علاجه و تصحيحه.
خاتمة:
إننا نحن و مواقفنا و آراءنا في تجدد مستمر.فقد تعرضت تصوراتنا حول العديد من المفاهيم للتحول، فخطأ اليوم قد يصبح في الغد حقيقة في حياتنا.
و جزء كبير من حقيقة الأمس أضحى اليوم أخطاءا لأنه لم يعد يتوافق مع معطيات الحاضر،و بالتالي أصبح من الضروري تصحيحها و الا ظللنا الطريق، و عشنا الحاضر أغرابا بسبب أخطائنا.
فإلى أي مدى نسهم كمربين في انتشال متعلمينا من ظلمات أخطائهم، إلى أنوار الحقيقة و الصواب؟؟.
كلمة ختامية:
ان العرض محاولة للإحاطة بكل المفاهيم التي ترتبط بالخطأ في مفهومه التربوي .
و ما وجدتم به من توفيق فمن عند الله و ما كان به من نقص فمن نفسي .
بقلم مريم الوادي
أستاذة التعليم الابتدائي
تاونات
التعديل الأخير: