الإنجليزية مكسب، لكن إياك أن تعتقد أنها نهاية التفكير العلمي!

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع جمال
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

جمال

Admin
📬
754
0
👍
90
🏆
28
مطلع القرن العشرين، لم تكن هناك "لغة للعلم"، بل كانت هناك عدة لغات: الفرنسية، الألمانية، الإنجليزية؛ مع ميلان الكفة لصالح الألمانية، حيث يقول مؤلف كتاب Scientific Babel أنك لو قلت لأحد سنة 1900 أن الانجليزية ستصبح لغة العلم اليوم كان سيسخر منك بالتأكيد، لأن الألمانية هي التي كانت سائدة بدرجة أولى لغزارة الإنتاج الألماني وتأثيره الشديد، لكن مع توالي الضربات الموجعة للأمة الألمانية في حربين عظيمتين، بدأ الامر بمقاطعة العلماء والعلم الألماني من طرف الانجليز والفرنسين ومنعهم من المؤتمرات.
ثم صدور قوانين معادية للألمانية كلغة في أمريكا مثلا، فرغم أنها كانت لغة منتشرة جدا، لكن بعد الحرب العالمي الاولى، أصبح ممنوعا التحدث بها علنا
وبدأت أمريكا في التراجع عن خطط الانفتاح على اللغات، لتقتصر على الإنجليزية، فتصبح أمة منعزلة، ثم تصبح قوة عظمى، لأسباب عديدة، وأيضا للدعم والاغراء الذي تقدمه لكل العلماء الهاربين من النزعات الدولية فيضطرون لتعلم الانجليزية والكتابة بها، فأضحى العالم كله يتشرب نمطا واحدا من التفكير هو التفكير الأمريكي عبر لغته الانجليزية [اللغة ناقلة للأفكار وليست محايدة كما يقول عبيد فرنسا بالمغرب.
وانتهى الأمر لصالح الانجليزية أولا، ثم الفرنسية; ليس لغزارة شديدة في الانتاج - كما كان عند الألمان- ولكن خسارة عدوك نجاح لك.
اليوم، يعلن مسؤول حكومي فرنسي أنه سيدرس الطلاب الفرنسيين الانجليزية "ليغزوا العالم"، في إشارة واضحة إلى الاعتراف بانتهاء الغزو الثقافي الفرنسي، كما أصبح الأكادميون الأنجلوساكسونيين، يعتبرون أن قدر لغتهم أن تكون لغة العلم، وأن كل من لم يتقنها فهو يحكم على نفسه بالانغلاق.
الوهم الأنجلوساكسوني،يتضاعف خاصة مع ذوبان نمور آسيا في المنظومة الانجلوساكسوني، ثقافيا وفكريا وعلميا...لا يمتلكون شيئا خاصا بهم يصدرونه للعالم! نحن لا نعرف اليابان ولا لاصين ككيان خاص= بل نعرفهما كنموذج مقلوب للثقافة الغربية فقط!
لكن العالم اللاتيني يفاجئنا اليوم، أكثر من 10.000 بحث محكم يصدر كل سنة في العالم الناطق بالاسبانية والبرتغالية منذ 2010، وباللغتين الإسبانية والبرتغالية (خلافا لبقية الدول أغلب أبحاثها إنجليزية).
بهذا الأمر، يقدم الاسبان تفكيرا مغايرا ونظرة أخرى للعالم، غير التي تقدمها اللغة الإنجليزية، وهو أمر في صالح المعرفة!
لربما يكون الشرق أوسطيون والشمال الافريقيون أكثر الأمم تأهلا لتقديم سردية أخرى للعالم مغايرة عن السردية الانجلوساكسونية، وبالتأكيد مغايرة للسردية الفرنكفونية البليدة، لكونهم وخلافا للآسيويين لا يريدون أن يكونوا نسخة مشوهة من أمريكا، يريد بصمتهم الثقافية الخاصة, وهذه ميزة عظيمة جدا جدا، متى امتلكتها امة ما فإن وقتها آت لا محالة، رغم كل الاحباطات التي تراها في الواقع اليوم.
الإنجليزية مكسب، لكن إياك أن تعتقد أنها نهاية التفكير العلمي!، هي تقدم وتفرض عليك أن ترى العالم من منظارها الخاص فقط... هناك مناظير أخرى، وقد تكون أكثر رحابة!.
 
عودة