جمال
Admin
- 📬
- 755
- ❓
- 0
- 👍
- 90
- 🏆
- 28
الموضوع:
لقد استشف روسو أن لكل سن مقومات، وأن للطفل طرقه الخاصة في النظر والتفكير والإحساس، ولا شك أنه برهن بأسلوب بليغ على أننا لا نتعلم شيئا إلا عن طريق الاكتساب النشيط..بل إن روسو هو نفسه الذي أسدى النصيحة التالية التي تغفر له الكثير: ً ابدأوا بدراسة تلاميذكم، لأنكم بكل تأكيد لا تعرفونهم قطً
بياجيه علم النفس وفن التربية
حلل وناقش
مقدمة:
ورد نص هذا الموضوع في سياق الحديث عن المناهج الجديدة في التربية الحديثة وأسسها السيكولوجية، وما أدى إليه تطور علم النفس من نتائج هامة على صعيد المدرسة، ويتضمن النص نقدا للأفكار السيكولوجية التربوية التي جاء بها روسو)1712-1776( مقارنتها بنتائج الأبحاث المعاصرة في هذا الميدان.
لقد غير روسو المفاهيم التربوية التي كانت سائدة في عصره، وذلك باعتماده على أسلوب التربية السلبية)غير الموجهة(، ومراعاة خصوصية الطفل ومراحل النمو.
إن الأفكار التربوية السائدة كانت تنطلق من أن الطفل هو رجل مصغر أي أنه لا يختلف عن الراشد إلا في درجة المعلومات والخبرات التي ينبغي تلقينها له.. فنادي روسو بأهمية التمييز بين طبيعة الطفل وطبيعة الراشد..وتبين له بأن الطفل يجب أن يعيش طفولته...
وإذا كانت المناهج القديمة قد اهتمت اهتماما كبيرا بأهداف المجتمع، دون مراعاة لقدرات للطفل العقلية والجسدية والعاطفية فإذا منهج روسو ينظر إلى الطفل كموضوع خاص وكيان منفرد له من الميول والقدرات والعواطف ما يجعل منه شخصية متفتحة ورغم التجديد الذي نادي به روسو، فهو لم يسلم من بعض الانتقادات والتي سنذكرها في آخر هذا التحليل.
وسنتفحص أهم المشكلات التي يتناولها الموضوع من خلال تحليلنا للتساؤلات:
1. ما هو الجديد عند روسو ؟
2. كيف ينظر إلى شخصية الطفل ؟
3. ما موقف رجال التربية الحديثة من أفكاره ؟
التحليل:
1.إن الحديث عن روسو يوجهنا بالضرورة إلى الأفكار التربوية التي كانت سائدة في عصيره، فلو وضعناه في إطاره التاريخي لأدركنا أهمية التجديد الذي أحدثه في ميدان التربية.
لقد كانت نظرية الملكات تدعى أن الطفل رجل مصغر وأن الفرق بينه وبين الراشد ليس في الطبيعة ونوع التكوين العقلي والمنطقي، بل فقط في مستوى الدرجة.
وكان فلاسفة التربية يرون أن أهم غرض من أغراض التربية هو لتربية القوى العقلية وتقويتها عن طريق حشو الذهن بأكبر قدر من المعارف والمعلومات اللفظية، وكانت دراسة اللغات الكلاسيكية والرياضيات الصورية وسيلة لتوليد القوى العقلية.
ولذلك كله فلم تكن المواضع في المنهاج موجودة بسبب المعرفة التي تقدمها والتي يمكن استعمالها فيما بعد، ولكن لقيمتها المفترضة كأدوات لشحذ العقل وتقويته. فماذا كان موقف روسو من الآراء التربوية في عصره؟
لقد أتى بإرهاصات علمية مثيرة للإعجاب فميز بين طبيعة الطفل والراشد، وحث المربين على معرفة خصوصية أطفالهم فقال للمعلمين: ً ابدأوا بدراسة تلاميذكم، لأنكم بكل تأكيد لا تعرفونهم قط،ً كما وجه الأنظار إلى المناهج الدراسية المثقلة بالمعلومات، والتي لا تتلاءم مع عقلية الطفل .
وكان من نتائج ذلك إعادة النظر في البرامج التعليمية، وإخضاع موادها لقدرات الأطفال وإمكاناتهم، ً إن لكل طفل طرقه الخاصة في النظر والتفكير والإحساس.
لقد كان للأوضاع الاجتماعية السائدة في القرن الثامن عشر تأثير على شخصية روسو، وكان موقفه منها شديدا، وأتت أفكاره انعكاسا لمعاناته، قال في كتابه إميل ساخرا من الأوضاع الاجتماعية: ً سيروا ضد ما أنتم عليه تجدوا أنفسكم دائما في طريق الصواب ً.
وأتى تصويره للتربية يقوم على مبادئ سيكولوجية، تراعي مراحل نمو الطفل، وتفاعله مع الطبيعة وتتعلق بحريته وتربيته الجسدية.
وترتبط أيضا بمصدر المعرفة عند الطفل ونوعها وحجمها..
2. ويرجع الفضل لروسو في اكتشافه لمراحل النمو، وبيان أهميتها وهي في نظره تنقسم إلى ثلاث مراحل أساسية:
أ- من الميلاد إلى سن الثانية عشرة، وجعل هذه المرحلة مخصصة لتربية الجسد والحواس.
ب- من اثنتي عشرة سنة إلى خمس عشرة سنة، وخصص هذه المرحلة لتربية القدرات العقلية.
ج- من ست عشرة سنة إلى العشرين، وهذه مرحلة لتنمية العواطف والتربية الاجتماعية ليكون الطفل أبا وزوجا صالحا.
ولقد جاءت هذه المراحل مرتبة بحيث انطلقت من تربية الجسد إلى الحواس إلى الفكر، وأخيرا إلى العواطف، ومن تم فلكل مرحلة دورها وأهميتها في تربية الإحساس والتفكير.
التربية الجسدية )من 0 إلى 5 سنوات(
وتتركز هذه التربية على التكوين الجسدي، وعلى إعطاء الطفل الحرية في تحريك جسمه وعضلاته والقيام بألعابه...وهي ضد الرياضة البدنية المقيدة بنظم وحركات معينة ً إن الطفل الصحيح البدن طفل مطيع، أما الطفل النحيف العليل الجسم، فعصبي كثيرا العناد سيء الخلق.ً
التربية الحسية )من 5 إلى 12 سنة (
وأهم شيء في هذه المرحلة هو أن يهتم المربي بتربية حواس الطفل واستعمالها من أجل الانتفاع بها في تربية الفكر، قال روسو : ً إن أيدينا وأقدامنا وأعيننا أول من يعلمنا الفلسفة ً.
ويسمح للطفل خلال هذه المرحلة باللعب، ليشبع دوافعه وميوله بالألعاب الحرة كي تنمو قواه، ويتمتع بالحرية، وينبغي أن يؤخذ كل يوم إلى الحقول ليجري ويمرح ويلعب.
وان أكثر المواد مناسبة للطفل في هذا الدور من الحياة: التعبير، الرسم، الغناء، أما الكتب فإنها تضر الطفل ولا تنفعه: ً إن أوائل معلمينا في الحياة هم أرجلنا وأيدينا وأعيننا، وإجلال الكتب محل هذه كلها لا يعلمنا الاستدلال بل يعلمنا استخدام عقول الآخرين ويعلمنا أن نعتقد كثيرا وأن لا نعرف شيئا على الإطلاق.
ويعترف روسو بخطورة المرحلة الأولى، إذ فيها يمكن أن يكتسب الطفل والرذيلة، ولا نكون قادرين على محوها، فعلى المربي إذن أن يبعد كل شيء يقف في سبيل تفتح الطبيعة الإنسانية الخيرة وذلك بإتباع التربية السلبية التي تمنع الأشياء التي تعوق نمو الطفل، ويعتقد روسو بأن العلم موجود في الطبيعة بشكل غير منظم، وما على الطفل إلا اكتشافه وتنظيمه، وهنا يأتي دور المربي السلبي، أي بعدم التدخل في شؤون الطفل، وما يريد تعلمه، بل يوجهه ويرشده فقط، ولا يتدخل إلا عند الضرورة.
التربية العقلية )من 12 إلى 15 سنة (
وهذه مرحلة التعلم الايجابي، فيما نعلم الطفل ما يدور حوله، نعلمه في كتاب واحد هو كتاب العالم المحيط به )التربية للحياة(، وهذه الفكرة هي إحدى الأسس الهامة في التربية المعاصرة، فملاحظة الظواهر الطبيعية الطبيعية واعتماد مجال الاهتمام في تعليم الأطفال، ميدان أساسيان أشار إليهما روسو....
هذه في نظرنا هي التقسيمات الهامة في المراحل التي ذكرها روسو وننتقل بعد تعرفنا على المراحل إلى الحديث باختصار عن طبيعة الطفل.
طبيعة الطفل :
لقد حدد روسو في كتابه ً إميل ً الأساس النظري الذي تبني عليه تربية الطفل، واعتبر الطبيعة العنصر الأساس الذي يؤطر نظريته، ولعل قولته التي صدر بها كتابه ً كل شيء يخرج خيرا من بين يدي الخالق وإنما الإنسان هو الذي يفسدهً تزكي هذه القضية، ولقد قسم الباحثون مفهوم الطبيعية عند روسو الى ثلاثة معان :
أ-المعنى الاجتماعي: وورد في كتابه: ً العقد الاجتماعي ً ويفيد أن الطفل يجب أن يتعلم ما يؤهله، لأن يستجيب لمتطلبات مكوناته الطبيعية، لكن لا يعني هذا التأثر بالظروف المادية للحياة، بل الاعتماد على الجانب الطبيعي، ويفيد هذا المعنى أيضا أن طبيعة الإنسان خيرة، ولكن المجتمع يفسدها..
ب- المعنى السيكولوجي : ويعني أن الطفل يولد مزودا بقدرات يجب أن تتطور وتنمو في إطار طبيعي بعيد عن كل تأثير خارجي، ودعا إلى عدم التحكم في هذه الخصوصيات، واعتبر أن المجتمع يعرقل نمو هذه القدرات، ولهذا عزل روسو الطفل عن مجتمع الراشدين.
ج- الطبيعة غير الإنسانية: وهو المعنى الطبيعي للطبيعة، فالطبيعة الحقيقية هي تلك التي لم يتدخل الإنسان في تغييرها، فالطفل في حاجة لأن يتعلم في مجال طبيعي بعيدا عن توجيه الراشد.
ونستنتج أخيرا مما سبق أن الفكر التربوي الروسوي غني بالأفكار السيكولوجية والتربوية التي تعتمد في تربية الطفل من حيث جسده وحواسه وعواطفه، ولقد استفادت منها معظم البيداغوجيات الحديثة.
ولكن روسو رغم تجديده التربوي، فلم يسلم من النقد، ولقد ارتكز هذا النقد بالخصوص على نزعته الميتافيزيقية، فالمربون ومن المعلوم أن الوضعية لا تعترف بالفلسفة كمنهج معرفي ذي قيمة، وهي تحض على إخضاع المنهج المعرفي للواقع وعلى استخدام الملاحظة والتجريب...
ووصف النقاد أيضا تربية روسو بأنها فردية، اذ أنه أهمل البعد الاجتماعي في التربية، واعتنى بالطفل كفرد وأبعده عن المجتمع بدعوى أنه يفسد الطبيعة الخيرة...وهذا الجانب الاجتماعي في التربية مهم جدا ولا يمكن تجاهله..
خاتمة:
وخلاصة القول أنه رغم الانتقادات الموجهة إلى روسو بخصوص نزعته الميتافيزيقية، وعلوه في الاعتماد على الطبيعة، وإقلاله من أهمية المجتمع في التربية وإهماله للكتاب، وعدم اعتماده على الملاحظة الموضوعية للظواهر التربوية... فان آراء روسو كانت لها فضائل كبيرة...
فإذا كانت نظرية روسو لا ترقى إلى مستوى التجريب، فهذا أمر طبيعي، إذ هي ليست إلا تجاوزا لوضعية معينة، وأساسا ينطلق منه باحثون آخرون... لقد كانت أفكاره إرهاصا للطرائف البداغوجية الحديثة عند ديوي وبستالوزي، وفرو يل.
ويرجع الفضل إليه في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة كاعتبار الطفل رجلا صغيرا والى إثارة الاهتمام بالبرامج وجعلها مسايرة لنمو الطفل، هذا فضلا عما حققته بعض تصوراته فيما يخص مراحل النمو مثلا من تطور للعلوم الإنسانية، وخاصة علم النفس، آذ اعتبرها بغض علماء النفس المحدثين كفرضيات لبحوثهم، فأخضعوها للملاحظة الدقيقة والمراقبة المنهجية للتأكد من صحتها أو خطئها.
لقد استشف روسو أن لكل سن مقومات، وأن للطفل طرقه الخاصة في النظر والتفكير والإحساس، ولا شك أنه برهن بأسلوب بليغ على أننا لا نتعلم شيئا إلا عن طريق الاكتساب النشيط..بل إن روسو هو نفسه الذي أسدى النصيحة التالية التي تغفر له الكثير: ً ابدأوا بدراسة تلاميذكم، لأنكم بكل تأكيد لا تعرفونهم قطً
بياجيه علم النفس وفن التربية
حلل وناقش
مقدمة:
ورد نص هذا الموضوع في سياق الحديث عن المناهج الجديدة في التربية الحديثة وأسسها السيكولوجية، وما أدى إليه تطور علم النفس من نتائج هامة على صعيد المدرسة، ويتضمن النص نقدا للأفكار السيكولوجية التربوية التي جاء بها روسو)1712-1776( مقارنتها بنتائج الأبحاث المعاصرة في هذا الميدان.
لقد غير روسو المفاهيم التربوية التي كانت سائدة في عصره، وذلك باعتماده على أسلوب التربية السلبية)غير الموجهة(، ومراعاة خصوصية الطفل ومراحل النمو.
إن الأفكار التربوية السائدة كانت تنطلق من أن الطفل هو رجل مصغر أي أنه لا يختلف عن الراشد إلا في درجة المعلومات والخبرات التي ينبغي تلقينها له.. فنادي روسو بأهمية التمييز بين طبيعة الطفل وطبيعة الراشد..وتبين له بأن الطفل يجب أن يعيش طفولته...
وإذا كانت المناهج القديمة قد اهتمت اهتماما كبيرا بأهداف المجتمع، دون مراعاة لقدرات للطفل العقلية والجسدية والعاطفية فإذا منهج روسو ينظر إلى الطفل كموضوع خاص وكيان منفرد له من الميول والقدرات والعواطف ما يجعل منه شخصية متفتحة ورغم التجديد الذي نادي به روسو، فهو لم يسلم من بعض الانتقادات والتي سنذكرها في آخر هذا التحليل.
وسنتفحص أهم المشكلات التي يتناولها الموضوع من خلال تحليلنا للتساؤلات:
1. ما هو الجديد عند روسو ؟
2. كيف ينظر إلى شخصية الطفل ؟
3. ما موقف رجال التربية الحديثة من أفكاره ؟
التحليل:
1.إن الحديث عن روسو يوجهنا بالضرورة إلى الأفكار التربوية التي كانت سائدة في عصيره، فلو وضعناه في إطاره التاريخي لأدركنا أهمية التجديد الذي أحدثه في ميدان التربية.
لقد كانت نظرية الملكات تدعى أن الطفل رجل مصغر وأن الفرق بينه وبين الراشد ليس في الطبيعة ونوع التكوين العقلي والمنطقي، بل فقط في مستوى الدرجة.
وكان فلاسفة التربية يرون أن أهم غرض من أغراض التربية هو لتربية القوى العقلية وتقويتها عن طريق حشو الذهن بأكبر قدر من المعارف والمعلومات اللفظية، وكانت دراسة اللغات الكلاسيكية والرياضيات الصورية وسيلة لتوليد القوى العقلية.
ولذلك كله فلم تكن المواضع في المنهاج موجودة بسبب المعرفة التي تقدمها والتي يمكن استعمالها فيما بعد، ولكن لقيمتها المفترضة كأدوات لشحذ العقل وتقويته. فماذا كان موقف روسو من الآراء التربوية في عصره؟
لقد أتى بإرهاصات علمية مثيرة للإعجاب فميز بين طبيعة الطفل والراشد، وحث المربين على معرفة خصوصية أطفالهم فقال للمعلمين: ً ابدأوا بدراسة تلاميذكم، لأنكم بكل تأكيد لا تعرفونهم قط،ً كما وجه الأنظار إلى المناهج الدراسية المثقلة بالمعلومات، والتي لا تتلاءم مع عقلية الطفل .
وكان من نتائج ذلك إعادة النظر في البرامج التعليمية، وإخضاع موادها لقدرات الأطفال وإمكاناتهم، ً إن لكل طفل طرقه الخاصة في النظر والتفكير والإحساس.
لقد كان للأوضاع الاجتماعية السائدة في القرن الثامن عشر تأثير على شخصية روسو، وكان موقفه منها شديدا، وأتت أفكاره انعكاسا لمعاناته، قال في كتابه إميل ساخرا من الأوضاع الاجتماعية: ً سيروا ضد ما أنتم عليه تجدوا أنفسكم دائما في طريق الصواب ً.
وأتى تصويره للتربية يقوم على مبادئ سيكولوجية، تراعي مراحل نمو الطفل، وتفاعله مع الطبيعة وتتعلق بحريته وتربيته الجسدية.
وترتبط أيضا بمصدر المعرفة عند الطفل ونوعها وحجمها..
2. ويرجع الفضل لروسو في اكتشافه لمراحل النمو، وبيان أهميتها وهي في نظره تنقسم إلى ثلاث مراحل أساسية:
أ- من الميلاد إلى سن الثانية عشرة، وجعل هذه المرحلة مخصصة لتربية الجسد والحواس.
ب- من اثنتي عشرة سنة إلى خمس عشرة سنة، وخصص هذه المرحلة لتربية القدرات العقلية.
ج- من ست عشرة سنة إلى العشرين، وهذه مرحلة لتنمية العواطف والتربية الاجتماعية ليكون الطفل أبا وزوجا صالحا.
ولقد جاءت هذه المراحل مرتبة بحيث انطلقت من تربية الجسد إلى الحواس إلى الفكر، وأخيرا إلى العواطف، ومن تم فلكل مرحلة دورها وأهميتها في تربية الإحساس والتفكير.
التربية الجسدية )من 0 إلى 5 سنوات(
وتتركز هذه التربية على التكوين الجسدي، وعلى إعطاء الطفل الحرية في تحريك جسمه وعضلاته والقيام بألعابه...وهي ضد الرياضة البدنية المقيدة بنظم وحركات معينة ً إن الطفل الصحيح البدن طفل مطيع، أما الطفل النحيف العليل الجسم، فعصبي كثيرا العناد سيء الخلق.ً
التربية الحسية )من 5 إلى 12 سنة (
وأهم شيء في هذه المرحلة هو أن يهتم المربي بتربية حواس الطفل واستعمالها من أجل الانتفاع بها في تربية الفكر، قال روسو : ً إن أيدينا وأقدامنا وأعيننا أول من يعلمنا الفلسفة ً.
ويسمح للطفل خلال هذه المرحلة باللعب، ليشبع دوافعه وميوله بالألعاب الحرة كي تنمو قواه، ويتمتع بالحرية، وينبغي أن يؤخذ كل يوم إلى الحقول ليجري ويمرح ويلعب.
وان أكثر المواد مناسبة للطفل في هذا الدور من الحياة: التعبير، الرسم، الغناء، أما الكتب فإنها تضر الطفل ولا تنفعه: ً إن أوائل معلمينا في الحياة هم أرجلنا وأيدينا وأعيننا، وإجلال الكتب محل هذه كلها لا يعلمنا الاستدلال بل يعلمنا استخدام عقول الآخرين ويعلمنا أن نعتقد كثيرا وأن لا نعرف شيئا على الإطلاق.
ويعترف روسو بخطورة المرحلة الأولى، إذ فيها يمكن أن يكتسب الطفل والرذيلة، ولا نكون قادرين على محوها، فعلى المربي إذن أن يبعد كل شيء يقف في سبيل تفتح الطبيعة الإنسانية الخيرة وذلك بإتباع التربية السلبية التي تمنع الأشياء التي تعوق نمو الطفل، ويعتقد روسو بأن العلم موجود في الطبيعة بشكل غير منظم، وما على الطفل إلا اكتشافه وتنظيمه، وهنا يأتي دور المربي السلبي، أي بعدم التدخل في شؤون الطفل، وما يريد تعلمه، بل يوجهه ويرشده فقط، ولا يتدخل إلا عند الضرورة.
التربية العقلية )من 12 إلى 15 سنة (
وهذه مرحلة التعلم الايجابي، فيما نعلم الطفل ما يدور حوله، نعلمه في كتاب واحد هو كتاب العالم المحيط به )التربية للحياة(، وهذه الفكرة هي إحدى الأسس الهامة في التربية المعاصرة، فملاحظة الظواهر الطبيعية الطبيعية واعتماد مجال الاهتمام في تعليم الأطفال، ميدان أساسيان أشار إليهما روسو....
هذه في نظرنا هي التقسيمات الهامة في المراحل التي ذكرها روسو وننتقل بعد تعرفنا على المراحل إلى الحديث باختصار عن طبيعة الطفل.
طبيعة الطفل :
لقد حدد روسو في كتابه ً إميل ً الأساس النظري الذي تبني عليه تربية الطفل، واعتبر الطبيعة العنصر الأساس الذي يؤطر نظريته، ولعل قولته التي صدر بها كتابه ً كل شيء يخرج خيرا من بين يدي الخالق وإنما الإنسان هو الذي يفسدهً تزكي هذه القضية، ولقد قسم الباحثون مفهوم الطبيعية عند روسو الى ثلاثة معان :
أ-المعنى الاجتماعي: وورد في كتابه: ً العقد الاجتماعي ً ويفيد أن الطفل يجب أن يتعلم ما يؤهله، لأن يستجيب لمتطلبات مكوناته الطبيعية، لكن لا يعني هذا التأثر بالظروف المادية للحياة، بل الاعتماد على الجانب الطبيعي، ويفيد هذا المعنى أيضا أن طبيعة الإنسان خيرة، ولكن المجتمع يفسدها..
ب- المعنى السيكولوجي : ويعني أن الطفل يولد مزودا بقدرات يجب أن تتطور وتنمو في إطار طبيعي بعيد عن كل تأثير خارجي، ودعا إلى عدم التحكم في هذه الخصوصيات، واعتبر أن المجتمع يعرقل نمو هذه القدرات، ولهذا عزل روسو الطفل عن مجتمع الراشدين.
ج- الطبيعة غير الإنسانية: وهو المعنى الطبيعي للطبيعة، فالطبيعة الحقيقية هي تلك التي لم يتدخل الإنسان في تغييرها، فالطفل في حاجة لأن يتعلم في مجال طبيعي بعيدا عن توجيه الراشد.
ونستنتج أخيرا مما سبق أن الفكر التربوي الروسوي غني بالأفكار السيكولوجية والتربوية التي تعتمد في تربية الطفل من حيث جسده وحواسه وعواطفه، ولقد استفادت منها معظم البيداغوجيات الحديثة.
ولكن روسو رغم تجديده التربوي، فلم يسلم من النقد، ولقد ارتكز هذا النقد بالخصوص على نزعته الميتافيزيقية، فالمربون ومن المعلوم أن الوضعية لا تعترف بالفلسفة كمنهج معرفي ذي قيمة، وهي تحض على إخضاع المنهج المعرفي للواقع وعلى استخدام الملاحظة والتجريب...
ووصف النقاد أيضا تربية روسو بأنها فردية، اذ أنه أهمل البعد الاجتماعي في التربية، واعتنى بالطفل كفرد وأبعده عن المجتمع بدعوى أنه يفسد الطبيعة الخيرة...وهذا الجانب الاجتماعي في التربية مهم جدا ولا يمكن تجاهله..
خاتمة:
وخلاصة القول أنه رغم الانتقادات الموجهة إلى روسو بخصوص نزعته الميتافيزيقية، وعلوه في الاعتماد على الطبيعة، وإقلاله من أهمية المجتمع في التربية وإهماله للكتاب، وعدم اعتماده على الملاحظة الموضوعية للظواهر التربوية... فان آراء روسو كانت لها فضائل كبيرة...
فإذا كانت نظرية روسو لا ترقى إلى مستوى التجريب، فهذا أمر طبيعي، إذ هي ليست إلا تجاوزا لوضعية معينة، وأساسا ينطلق منه باحثون آخرون... لقد كانت أفكاره إرهاصا للطرائف البداغوجية الحديثة عند ديوي وبستالوزي، وفرو يل.
ويرجع الفضل إليه في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة كاعتبار الطفل رجلا صغيرا والى إثارة الاهتمام بالبرامج وجعلها مسايرة لنمو الطفل، هذا فضلا عما حققته بعض تصوراته فيما يخص مراحل النمو مثلا من تطور للعلوم الإنسانية، وخاصة علم النفس، آذ اعتبرها بغض علماء النفس المحدثين كفرضيات لبحوثهم، فأخضعوها للملاحظة الدقيقة والمراقبة المنهجية للتأكد من صحتها أو خطئها.
التعديل الأخير: