جمال
Admin
- 📬
- 755
- ❓
- 0
- 👍
- 90
- 🏆
- 28
ترجمة مزيدة (بتصرف): عبد الحميد الرياحي
مفتش في التوجيه التربوي
نيابة سيدي قاسم
تـقـديـم :
توجد تعريفات عديدة للمنهجية كمادة، لاختلاف تصور مفاهيمها وممارساتها ونظرياتها. فهي تارة استقرائية أو استنباطية أو تجريبية أو وصفية، وتارة أخرى تعتبر تحليلية أو استكشافية ...
تبقى المنهجية في مجملها مجموعة من الطرق الخاصة بكل علم أو بكل مادة تعليمية. وتتغير هذه الطرق حسب التقنية المناسبة للموضوع المطروح، إن كان مثلاً بحثاً أو دراسة أو قصة قصيرة أو أطروحة أو بحث تخرج أو تقريراً أو عرضاً أو تحرير نص، أو غير ذلك من المواضيع التي تتفاعل مع المنهجية لتكييفها مع المنطق الإنساني.
أما منهجية تحرير نص (تربوي، بحثي، علمي...)، فيمكن اعتبارها مجموعة من التقنيات أو من ممارسات التفكير التي تتغيى (أو تستهدف) تشكيلاً منظماً للكتابة.
ما هو مطروح في هذه الوثيقة ليس مجموعة من الوصفات السحرية، ولا يعدو أن يكون عرضاً لبعض النصائح القابلة للتطبيق، قد تم تجميعها من أدبيات المناهج وطرق التفكير لتسهيل عرض معرفتكم وتثمينها. وأعرض لذلك في جزأين: الجزء الأول خصص لهيكلة ولتشكيل خطابكم في شكل مقبول. والجزء الثاني خصص للمبادئ الأساسية المتعلقة بجوهر المواضيع المعالجة.
1- إنشاء مخطط (Élaboration d’un plan) :
باعتباركم مرشحين لاجتياز امتحان مهني أو مباراة، أو باعتباركم متدربين في أحد مراكز التكوين، أو باعتباركم طلبة في مؤسسة تعليمية، فأنتم مطالبون بإعطاء شكل وتجسيد مقبولين ومتناسقين لعرضكم: فالشكل ليس أقل أهمية من الجوهر. يجب عليكم إذن أن تستعملوا طرقاً منهجية.
1-1- مقاربة أولية (Approche préliminaire) :
ما هي أولى الانعكاسات (premiers réflexes) الواجبة عليكم، بعد قراءة الموضوع أو المواضيع المطلوب معالجتها ؟
◄ قبل كل شيء، شحن طاقتكم التركيزية.
◄ بعد ذلك قوموا بقراءة أولية للمواضيع، أو بقراءة أسئلة الموضوع الواحد، لتقدير درجة صعوبة كل منها (موضوع/سؤال درس، موضوع/سؤال تفكير، موضوع/سؤال تركيب ...).
◄ بعد ذلك قوموا بقراءة مكررة مع استنفار انتباهكم، لتوجيه اختياركم على موضوع معين أو على سؤال معين.
◄ اختاروا الموضوع أو السؤال الذي تعتبرون أنكم أعددتموه جيداً، أو الذي تحسون بسهولته مقارنة مع الباقي.
◄ بعد تحديد اختياركم، أعيدوا قراءته بشكل تحليلي، للإحاطة بالمصطلحات المهمة فيه.
◄ ابدأوا بعد ذلك بجرد معلوماتكم دون ترتيب، واكتبوا على مسودة كل ما يجول بخاطركم ولو بشكل غير مرتب حول الموضوع، ببذل مجهود للتذكر وللتفكير. خذوا الوقت الكافي لهذه العمليات، فهو وقت غير ضائع، بل يمكن لهذه المرحلة أن تربحكم وقتاً لا يستهان به من بعد.
◄ بعد استنفاد مخزون معرفتكم، ابدأوا في التفكير في مخطط عام لتحرير النص الذي أنتم بصدده، وفكروا في مخططات فرعية لبعض محطات عرضكم، ليست مطابقة بالضرورة إلى المخطط العام.
1-2- المخططات الرئيسية الممكنة (Les principaux plans possibles):
في مستوى تعليمي عالي، لا مناص من استعمال مخطط لهيكلة خطابكم. "أوراق الامتحان" التي تفتقد إلى مخططات لا يمكن أن تكون إلا ضعيفة، كيفما كانت قيمة المعلومات المكتوبة وكيفما كانت الأفكار التي تحتويها مناسبة للموضوع.
توجد مجموعة من الإمكانات الكلاسيكية أمامكم:
1-2-1- المخطط المنطقي (Le plan logique) :
يمكن تبنيه حين يحث أو يمكٍـن أو يطرح الموضوع تقسيماً طبيعياً إلى تيمات أو مباحث (thèmes) أو إلى تيمات فرعية (sous- thèmes).
أمثلة:
- محاسن ومساوئ ...
- مع اختيار أو ضده ...
- الخصوصي والعمومي ...
- التنظير والممارسة ...
- الابتدائي والثانوي ...
- دول الشمال ودول الجنوب ... الخ.
1-2-2- المخطط الوصفي (Le plan descriptif) :
يطرح ويعالج بشكل شامل مختلف أوجه المكونات لموضوع معين باستعمال الوصف أساساً.
أمثلة :
- النظام التعليمي ...
- الاقتصاد المغربي ...
- التنظيم الإداري ...الخ .
1-2-3 المخطط المونوغرافي أو الوصفي المبلور (Le plan monographique):
يتفق مع المخطط الوصفي من حيث كونه يهتم بدراسة وتقويم الهياكل العضوية والوظيفية لكائن منظم أو لقطاع معين :
أمثلة:
- الجماعات المحلية ....
- القطاع المعدني ....
- البحث العلمي ....
- المكتب الوطني للكهرباء ...
- المكتب الوطني للسكك الحديدية ....
- مركز التوجيه والتخطيط التربوي ...الخ
1-2-4- المخطط التيمي أو الموضوعاتي أو المبحثي (Le plan thématique) :
يتمثل في تبيان مجموعة من التيمات الفرعية (sous- thèmes) متسقة في نفس النسق (système) أو متعارضة، وجعل كل منها أحد مستويات التحليل.
أمثلة :
- التقويم الهيكلي : الهياكل الاقتصادية الموجودة والظرفية الاقتصادية ....
- الحريات والديموقراطية ....
- تمدرس الفتيات بالوسط القروي ...الخ.
1-2-5- المخطط متسلسل الأحداث (Le plan chronologique) :
يعتمد هذا المخطط على تطور أو تراتب أو توالي في الزمان والمكان، يرتبط بالمسألة أو بالموضوع المطلوب للمعالجة. وتستعمل في هذا المضمار تواريخ مشهورة ومعروفة، كما تستعمل أحداث تاريخية معروفة في الزمان والمكان كمعالم في طيات التحليل. كما يمكن استعمال ترتيب موضوعي لعمليات متسلسلة في تقنية معروفة كمؤشرات ومعالم لرصد ظاهرة اجتماعية توجد قيد التحليل والدرس في تحرير النص.
أمثلة:
- قبل سنة 1954 وبعدها إلى حدود سنة 1956 ثم بعد ذلك ...
- قبل الاستقلال وبين ذلك وحدث المسيرة الخضراء ثم بعد ذلك ...
- نظرة إلى الماضي ونظرة إلى الأوضاع الحالية ثم نظرة استشرافية للمستقبل ...
- كل يوم دراسي بين التاريخ كذا والتاريخ كذا محسوبين ...
1-2-6 المخطط المعد للمقارنة (Le plan comparatif) :
يعتمد على تحليل التماثلات (analogies) والتعارضات (antagonismes)، أو يعتمد على تحليل التقاربات (convergences) والتشعبات (divergences) بين أطروحتين أو ثلاث أطروحات أو أكثر، أو بين حالتين أو أكثر، أو بين نظريتين أو أكثر. ويقوم هذا المخطط على تمرير ما يعالجه من نفس الغربال، أو من نفس الوضعيات أو من نفس معايير التقييم.
أمثلة:
- المركزية واللامركزية ...
- الدولة الموحدة والدولة الفدرالية ...
- الفروقات بين الجهات الجغرافية والإدارية في المغرب ...
- دول اتحاد المغرب العربي ...الخ
1-2-7- المخطط النقدي (Le plan critique) :
هذا النوع من المخططات يناقش ويحقق في صدقية أو حجية مقاربة ما، أو في اتساق مكونات نسق ما، أو في مطابقة نظرية ما مع واقع ما، باستعمال تحليل المرتكزات أو باستعمال تعليل ما هو مع اختيار ما وما هو ضده في كل حالة على حدة.
هذا المخطط يناسب بعض مراحل المخطط العام مأخوذة بمعزل عن الباقي، كما يمكن أن يختار هو نفسه كمخطط عام لتحرير نص.
أمثلة:
- حقوق المرأة وحقوق الرجل ...
- مجانية الخدمات العمومية ...
- المؤسسة البرلمانية ... الخ.
1-2-8- المخطط الجدلي (Le plan dialectique) :
هذا النوع من المخططات يقدم ويناقش أطروحة بمعارضتها مع أطروحة مضادة أو أكثر، ويقترح تركيباً معيناً للأطروحتين، أو يبين استحالة ذلك جزئياً أو كلياً.
أمثلة:
- العلمانية والأصولية الدينية والمجتمع العصري...
- الشيوعية والرأسمالية والاشتراكية...
- المركزية واللامركزية واللاتمركز...
- الديموقراطية والديكتاتورية والنظام الفوضوي ...
هذه اللائحة ليست حصرية أو شاملة، ولكن أكثرية حالات النصوص الاختبارية تجد مكانة في تطبيقها. ونادراً ما يستعمل مخطط واحد في كل مراحل معالجة النص، بل نجد دائماً إمكانية لتوليف أو تركيب مخططات مختلفة تناسب كل مرحلة من التحليل والتحرير مندمجة في نفس المخطط العام.
يلزمكم إذن أن تميزوا بين المخطط العام وبين المخططات البينية أو الفرعية. فأما المخطط العام فيشمل الهندسة العامة لتحرير النص، وأما المخططات البينية أو الفرعية فتشمل كل جزء متشعب وكل فقرة على حدة. فيمكننا أن نجد مخططا عاما جدلياًً مع مخطط نقدي بيني لمرحلة من مراحل التحليل، ومخططا معداً للمقارنة في مرحلة أخرى من التحليل، ومخططاً وصفياً في مقدمة تحرير النص، ومخططا منطقياً في خاتمة التحليل ... كما يمكننا أن نجد مخططاً عاماً منطقياً مع مخطط وصفي بيني، ومخططاً بينياً متسلسل الأحداث، ومخططاً منطقياً آخر لمرحلة صغيرة من التحليل... وهلم جراً من حالات التوفيق والتوليف والتركيب بين مختلف المخططات في معالجة نص واحد.
1-3- تشكيل مظهر ورقة تحرير النص :
كل ورقة تحرير نص اختباري مجبرة على اتباع هندسة مناسبة لمعالجة موضوع معين أو جزء منه على شكل سؤال أو مسألة. فنجد على العموم الترتيب التالي:
- المقدمة؛
- جسد القصة؛
- تطوير التحليل؛
- مخرج التطوير؛
- الخاتمة.
1-3-1- المقدمة وجسد القصة:
تخصص المقدمة عادة إلى تعريف الموضوع وإلى أهميته وإلى إشكاليته وإلى طريقة مقاربته وإلى تحديد مجاله المعرفي. ويمكنكم بدؤها بوضوح بكلمة "مقدمة"، كما يمكنكم اعتبارها كذلك بما أنها في بداية تحرير النص.
- تعريف الموضوع:
هو أول ما يلزمكم كتابته. تبدأون بتعريف الموضوع مصطلحيا وعلمياً وأدبياً، ثم تذكرون المفاهيم المتعلقة به، والأفكار التي تعتبرون أنها مهمة لمعالجته.
- أهمية الموضوع:
لا يليق أن نعالج موضوعاً غير ذي أهمية. يلزم العارض إذن أن يبين بوضوح ما يراه مهما في هذا الموضوع. ولا يعدم موضوع تربوي أو اجتماعي أو علمي أو اقتصادي أو غيره من أهمية ظاهرة أو باطنية. يمكن لهذه الأهمية أن توجد في مجال تاريخي أو في مجال اجتماعي أو في مجال سياسي أو في مجال اقتصادي أو في مجال البحث العلمي أو في مجال تشريعي أو غير ذلك من المجالات التي تزخر بها أدبيات مختلف العلوم... ودوركم يتجلى في إظهار وتبيان هذه الأهمية للقارئ وللمصحح.في بضعة أسطر لاقتناص انتباهه. وخير موقف يمكنكم اتخاذه هو أن تعتبروا القارئ غير ملم بأهمية الموضوع وأن تحاولوا إظهارها له في طيات كتابتكم.
- الإشكالية أو جسد القصة:
يتجلى هذا المفهوم في البرهنة على وجود أهمية أساسية للموضوع المدروس، ويصعب عزل الإشكالية عن الفقرة السابقة التي تطرقتم فيها إلى أهمية الموضوع. الجديد هنا هو تبيان المسائل المرتبطة مباشرة بالموضوع، أو تلك التي ترتبط به بصفة غير مباشرة. وإن كان العارض مطلعاً على أدبيات الموضوع، فإنه يعرف دون شك مختلف الأسئلة المرتبطة به والتي وجدت أجوبة كافية وواضحة، ويعرف الأسئلة الأخرى التي لم تحصل على أجوبة مقنعة على المستوى النظري أو التطبيقي. والمطلوب من العارض هو أن يسجل النقاش الدائر حول هذه الأسئلة، دون اتخاذ موقف منحاز إلى أحد أطراف الصراع المرتبط بالإشكالية، على المستوى النظري وعلى المستوى العلمي وعلى المستوى الإيديولوجي. يطرح في هذا الصدد سؤال جوهري: "في ماذا تتجلى المشاكل المرتبطة بالموضوع، ولماذا، ومتى ذلك، وكيف ؟... ".
بعض الإشكاليات تبدو واضحة وضوح الشمس، وبعضها الآخر يبقى مبهماً أو هامشياً أو مسكوتاً عنه... ودوركم يكمن في الإحاطة بشكل النقاش الدائر حول الموضوع ببراعة وبخطاب واضح.
- تحديد المجال المعرفي واختيار مخطط:
وضع حدود صحيحة للموضوع يحتاج إلى تبرير مقنع وموضوعي، لكي لا ينعت بالاصطناع وبالتحكم المستبد.
وقبل الشروع في توضيح حدود الموضوع ومحدوديته، يستحسن التذكير بالمصطلحات والمفاهيم المهمة، وبتحديد موقع للموضوع المدروس بالنسبة للإشكالية التي طرحت في الفقرة السابقة.
ويتم التحديد عادة حسب ثلاثة أبعاد: البعد الزمني والبعد المكاني والبعد التيمي (الموضوعاتي أو المبحثي).
بعد هذا التحديد يعلن العارض عن اختيار مخطط عام لتحرير النص.
1-3-2- تطوير التحليل:
يبدأ بإعلان المرحلة الأولى من عمليات التحليل، وتتبعها مرحلة ثانية أو مرحلتين. ويأخذ هذا الجزء ما يقارب 70% من مساحة تحرير النص. ويتوزع الباقي على المقدمة (20%) وعلى المراحل الانتقالية (5%) وعلى الخاتمة (5%).
يجب أن تتوزع مراحل تطوير التحليل بشكل متكافئ من حيث الكم في مساحتها الورقية وفي تجزيئها إلى فروع متقاربة العدد، ومن حيث الكيف باحتواء كل مرحلة على أفكار أساسية جديرة بالتحليل.
وبالنسبة للمراحل الانتقالية، فهي تلك الجمل والتعابير التي يتم بها الانتقال من مرحلة إلى مرحلة موالية، ومن جزء من التحليل إلى جزء يليه. ويستحسن أن لا تحتوي المراحل الانتقالية على أي حكم قيمة، أو عن أي موقف إيديولوجي، أو على موقف انحياز يعلنه العارض تجاه فكرة ما. فتتم كل مرحلة انتقالية بأقل من بضعة أسطر لتلخيص ما سبق وإعلان ما يلي بسلاسة ودقة.
1-3-4- الخاتمة:
في الخاتمة يمكنكم استعمال براعتكم في التركيب والتوليف للتعبير عن أهم ما تم التوصل إليه بعد التحليل ومراحله وبعد استخراج نتائج هذا التحليل واستخلاص ما تم استخلاصه منها. وإن كانت هذه الخاتمة مرتبطة بجزء من موضوع أكبر مما أنتم بصدده، فسوف يستعمل آخرها كمرحلة انتقالية لموضوع موالي.
2- محتوى تحليل النص (Le contenu de la dissertation) :
يعتمد تحرير النص على عرض حجج وبراهين وأفكار ذات صدقية وحجية معترف بها، كما تعتمد على مصطلحات وتعابير مثل الأفعال الإجرائية، لا تفضي إلى التباس وإلى خلط عند المثقفين. ومن وجهة أخرى تهدف الأفكار المعروضة إلى عقلنة تحليل النص، وتهدف المصطلحات والحجج إلى التعبير والتواصل.
2-1- أسس العقلنة (Fondements du raisonnement) :
لكي يتصف خطابكم بطابع علمي أكاديمي، يلزمكم استعمال لغة نثرية سليمة متعارف عليها. أما تفكيركم فيجب أن يفضي إلى تحليل موضوعي منبثق عن استدلال منطقي، يستخلص منه تحرير منهجي للنص المطروح كموضوع.
لنهج استدلال أو برهنة أو عقلنة مقبولة، لا محيد على العارض إلا أن يحترم بعض القواعد ، مثل: الصرامة العلمية والموضوعية والدقة والتناسق والتماسك.
2-1-1- الصرامة العلمية (La rigueur scientifique) :
تتمثل في التقيد بقواعد المنطق، وباعتبار ما هو بديهي ومؤكد في كفة وما هو غير ذلك في الكفة الأخرى. وفي حالة إصدار فرضيات، فيجب تمريرها من غربال المنهاج العلمي الذي يلزمها بآليات موثوق بنجاعتها. ويمكن أن نلاحظ بأن المنهاج العلمي (ملاحظة – افتراض- تجريب وإعادة صياغة الافتراض – استخلاص قانون) لا ينطبق حرفياً في ميدان العلوم الاجتماعية (السوسيولوجيا، التاريخ، علم النفس، الاقتصاد ...الخ). ولكنه مطبق بشكل يحدده كل علم اجتماعي على حدة. وجانب الصرامة العلمية يقتضي عدم استعمال مفردات وعبارات من قبيل : "إلى حدود كذا تقريباً" ، "عدد يناهز كذا على الأرجح"، فهي تثير الشك وتزيل المصداقية على الخطاب التحليلي. وفي حالة إصدار فرضيات تحترم مقتضيات المنهاج العلمي، فيستحسن بدؤها بعبارات مثل : لنفترض أن – ليكن أن – هب أن ...الخ. ويقتضي جانب الصرامة العلمية أن لا يستخلص العارض من ما يطرحه الموضوع المدروس أكثر مما يحتمل، وأن يكون موضوعياً.
2-1-2- الموضوعية (L’objectivité):
أن يكون الشخص موضوعياً معناه أن يبقى محايداً تجاه واقعة معينة أو أمام نظرية معينة، وأن لا ينتهج موقفاً يدل على انحيازه إلى رأي مسبق. فالتفكير والعقلنة والاستدلال والاستنباط والبرهنة وكل ما يتعلق بتحرير النص لدى عارض موضوعي لا يتبع هواه أو أحكامه المسبقة بل يأتي طبقاً للمنطق ولمناهج العلوم سواء أكانت علوماً اجتماعية أو علوماً حقة.
2-1-3- الدقة والتناسق والتماسك (précision, cohérence et consistance):
في هذا السياق أنتم ملزمون باستعمال عبارات ومصطلحات دقيقة المعنى في ظروف واضحة، بدلا من عبارات رنانة ولكنها جوفاء. وحذار من السقوط في تناقض ضمني أو صريح... وأنتم ملزمون باختيار مخططات متناغمة، وبالتعبير عن فكركم بلغة واحدة في كل مراحل تحرير النص (مع ترجمة بعض المصطلحات عند الاقتضاء). وكل ذلك يحفظ بكل تأكيد تناسق وتماسك العرض التحريري الذي تنجزونه.
ومن جانب ثان، اكتبوا بخط واضح، واحترموا علامات التنقيط، وتجنبوا العبارات الصادمة التي تستعمل لإثارة الغرائز والنعرات.
ملحوظة: إذا كنتم تعتبرون أنكم تكتبون بلغة أجنبية (فرنسية، إسبانية، ...الخ) أحسن من ما تكتبونه بالعربية، وإن كان ذلك مسموح به بوضوح في الاختبار، فلا تترددوا في الكتابة بتلك اللغة الأجنبية.
مفتش في التوجيه التربوي
نيابة سيدي قاسم
تـقـديـم :
توجد تعريفات عديدة للمنهجية كمادة، لاختلاف تصور مفاهيمها وممارساتها ونظرياتها. فهي تارة استقرائية أو استنباطية أو تجريبية أو وصفية، وتارة أخرى تعتبر تحليلية أو استكشافية ...
تبقى المنهجية في مجملها مجموعة من الطرق الخاصة بكل علم أو بكل مادة تعليمية. وتتغير هذه الطرق حسب التقنية المناسبة للموضوع المطروح، إن كان مثلاً بحثاً أو دراسة أو قصة قصيرة أو أطروحة أو بحث تخرج أو تقريراً أو عرضاً أو تحرير نص، أو غير ذلك من المواضيع التي تتفاعل مع المنهجية لتكييفها مع المنطق الإنساني.
أما منهجية تحرير نص (تربوي، بحثي، علمي...)، فيمكن اعتبارها مجموعة من التقنيات أو من ممارسات التفكير التي تتغيى (أو تستهدف) تشكيلاً منظماً للكتابة.
ما هو مطروح في هذه الوثيقة ليس مجموعة من الوصفات السحرية، ولا يعدو أن يكون عرضاً لبعض النصائح القابلة للتطبيق، قد تم تجميعها من أدبيات المناهج وطرق التفكير لتسهيل عرض معرفتكم وتثمينها. وأعرض لذلك في جزأين: الجزء الأول خصص لهيكلة ولتشكيل خطابكم في شكل مقبول. والجزء الثاني خصص للمبادئ الأساسية المتعلقة بجوهر المواضيع المعالجة.
1- إنشاء مخطط (Élaboration d’un plan) :
باعتباركم مرشحين لاجتياز امتحان مهني أو مباراة، أو باعتباركم متدربين في أحد مراكز التكوين، أو باعتباركم طلبة في مؤسسة تعليمية، فأنتم مطالبون بإعطاء شكل وتجسيد مقبولين ومتناسقين لعرضكم: فالشكل ليس أقل أهمية من الجوهر. يجب عليكم إذن أن تستعملوا طرقاً منهجية.
1-1- مقاربة أولية (Approche préliminaire) :
ما هي أولى الانعكاسات (premiers réflexes) الواجبة عليكم، بعد قراءة الموضوع أو المواضيع المطلوب معالجتها ؟
◄ قبل كل شيء، شحن طاقتكم التركيزية.
◄ بعد ذلك قوموا بقراءة أولية للمواضيع، أو بقراءة أسئلة الموضوع الواحد، لتقدير درجة صعوبة كل منها (موضوع/سؤال درس، موضوع/سؤال تفكير، موضوع/سؤال تركيب ...).
◄ بعد ذلك قوموا بقراءة مكررة مع استنفار انتباهكم، لتوجيه اختياركم على موضوع معين أو على سؤال معين.
◄ اختاروا الموضوع أو السؤال الذي تعتبرون أنكم أعددتموه جيداً، أو الذي تحسون بسهولته مقارنة مع الباقي.
◄ بعد تحديد اختياركم، أعيدوا قراءته بشكل تحليلي، للإحاطة بالمصطلحات المهمة فيه.
◄ ابدأوا بعد ذلك بجرد معلوماتكم دون ترتيب، واكتبوا على مسودة كل ما يجول بخاطركم ولو بشكل غير مرتب حول الموضوع، ببذل مجهود للتذكر وللتفكير. خذوا الوقت الكافي لهذه العمليات، فهو وقت غير ضائع، بل يمكن لهذه المرحلة أن تربحكم وقتاً لا يستهان به من بعد.
◄ بعد استنفاد مخزون معرفتكم، ابدأوا في التفكير في مخطط عام لتحرير النص الذي أنتم بصدده، وفكروا في مخططات فرعية لبعض محطات عرضكم، ليست مطابقة بالضرورة إلى المخطط العام.
1-2- المخططات الرئيسية الممكنة (Les principaux plans possibles):
في مستوى تعليمي عالي، لا مناص من استعمال مخطط لهيكلة خطابكم. "أوراق الامتحان" التي تفتقد إلى مخططات لا يمكن أن تكون إلا ضعيفة، كيفما كانت قيمة المعلومات المكتوبة وكيفما كانت الأفكار التي تحتويها مناسبة للموضوع.
توجد مجموعة من الإمكانات الكلاسيكية أمامكم:
1-2-1- المخطط المنطقي (Le plan logique) :
يمكن تبنيه حين يحث أو يمكٍـن أو يطرح الموضوع تقسيماً طبيعياً إلى تيمات أو مباحث (thèmes) أو إلى تيمات فرعية (sous- thèmes).
أمثلة:
- محاسن ومساوئ ...
- مع اختيار أو ضده ...
- الخصوصي والعمومي ...
- التنظير والممارسة ...
- الابتدائي والثانوي ...
- دول الشمال ودول الجنوب ... الخ.
1-2-2- المخطط الوصفي (Le plan descriptif) :
يطرح ويعالج بشكل شامل مختلف أوجه المكونات لموضوع معين باستعمال الوصف أساساً.
أمثلة :
- النظام التعليمي ...
- الاقتصاد المغربي ...
- التنظيم الإداري ...الخ .
1-2-3 المخطط المونوغرافي أو الوصفي المبلور (Le plan monographique):
يتفق مع المخطط الوصفي من حيث كونه يهتم بدراسة وتقويم الهياكل العضوية والوظيفية لكائن منظم أو لقطاع معين :
أمثلة:
- الجماعات المحلية ....
- القطاع المعدني ....
- البحث العلمي ....
- المكتب الوطني للكهرباء ...
- المكتب الوطني للسكك الحديدية ....
- مركز التوجيه والتخطيط التربوي ...الخ
1-2-4- المخطط التيمي أو الموضوعاتي أو المبحثي (Le plan thématique) :
يتمثل في تبيان مجموعة من التيمات الفرعية (sous- thèmes) متسقة في نفس النسق (système) أو متعارضة، وجعل كل منها أحد مستويات التحليل.
أمثلة :
- التقويم الهيكلي : الهياكل الاقتصادية الموجودة والظرفية الاقتصادية ....
- الحريات والديموقراطية ....
- تمدرس الفتيات بالوسط القروي ...الخ.
1-2-5- المخطط متسلسل الأحداث (Le plan chronologique) :
يعتمد هذا المخطط على تطور أو تراتب أو توالي في الزمان والمكان، يرتبط بالمسألة أو بالموضوع المطلوب للمعالجة. وتستعمل في هذا المضمار تواريخ مشهورة ومعروفة، كما تستعمل أحداث تاريخية معروفة في الزمان والمكان كمعالم في طيات التحليل. كما يمكن استعمال ترتيب موضوعي لعمليات متسلسلة في تقنية معروفة كمؤشرات ومعالم لرصد ظاهرة اجتماعية توجد قيد التحليل والدرس في تحرير النص.
أمثلة:
- قبل سنة 1954 وبعدها إلى حدود سنة 1956 ثم بعد ذلك ...
- قبل الاستقلال وبين ذلك وحدث المسيرة الخضراء ثم بعد ذلك ...
- نظرة إلى الماضي ونظرة إلى الأوضاع الحالية ثم نظرة استشرافية للمستقبل ...
- كل يوم دراسي بين التاريخ كذا والتاريخ كذا محسوبين ...
1-2-6 المخطط المعد للمقارنة (Le plan comparatif) :
يعتمد على تحليل التماثلات (analogies) والتعارضات (antagonismes)، أو يعتمد على تحليل التقاربات (convergences) والتشعبات (divergences) بين أطروحتين أو ثلاث أطروحات أو أكثر، أو بين حالتين أو أكثر، أو بين نظريتين أو أكثر. ويقوم هذا المخطط على تمرير ما يعالجه من نفس الغربال، أو من نفس الوضعيات أو من نفس معايير التقييم.
أمثلة:
- المركزية واللامركزية ...
- الدولة الموحدة والدولة الفدرالية ...
- الفروقات بين الجهات الجغرافية والإدارية في المغرب ...
- دول اتحاد المغرب العربي ...الخ
1-2-7- المخطط النقدي (Le plan critique) :
هذا النوع من المخططات يناقش ويحقق في صدقية أو حجية مقاربة ما، أو في اتساق مكونات نسق ما، أو في مطابقة نظرية ما مع واقع ما، باستعمال تحليل المرتكزات أو باستعمال تعليل ما هو مع اختيار ما وما هو ضده في كل حالة على حدة.
هذا المخطط يناسب بعض مراحل المخطط العام مأخوذة بمعزل عن الباقي، كما يمكن أن يختار هو نفسه كمخطط عام لتحرير نص.
أمثلة:
- حقوق المرأة وحقوق الرجل ...
- مجانية الخدمات العمومية ...
- المؤسسة البرلمانية ... الخ.
1-2-8- المخطط الجدلي (Le plan dialectique) :
هذا النوع من المخططات يقدم ويناقش أطروحة بمعارضتها مع أطروحة مضادة أو أكثر، ويقترح تركيباً معيناً للأطروحتين، أو يبين استحالة ذلك جزئياً أو كلياً.
أمثلة:
- العلمانية والأصولية الدينية والمجتمع العصري...
- الشيوعية والرأسمالية والاشتراكية...
- المركزية واللامركزية واللاتمركز...
- الديموقراطية والديكتاتورية والنظام الفوضوي ...
هذه اللائحة ليست حصرية أو شاملة، ولكن أكثرية حالات النصوص الاختبارية تجد مكانة في تطبيقها. ونادراً ما يستعمل مخطط واحد في كل مراحل معالجة النص، بل نجد دائماً إمكانية لتوليف أو تركيب مخططات مختلفة تناسب كل مرحلة من التحليل والتحرير مندمجة في نفس المخطط العام.
يلزمكم إذن أن تميزوا بين المخطط العام وبين المخططات البينية أو الفرعية. فأما المخطط العام فيشمل الهندسة العامة لتحرير النص، وأما المخططات البينية أو الفرعية فتشمل كل جزء متشعب وكل فقرة على حدة. فيمكننا أن نجد مخططا عاما جدلياًً مع مخطط نقدي بيني لمرحلة من مراحل التحليل، ومخططا معداً للمقارنة في مرحلة أخرى من التحليل، ومخططاً وصفياً في مقدمة تحرير النص، ومخططا منطقياً في خاتمة التحليل ... كما يمكننا أن نجد مخططاً عاماً منطقياً مع مخطط وصفي بيني، ومخططاً بينياً متسلسل الأحداث، ومخططاً منطقياً آخر لمرحلة صغيرة من التحليل... وهلم جراً من حالات التوفيق والتوليف والتركيب بين مختلف المخططات في معالجة نص واحد.
1-3- تشكيل مظهر ورقة تحرير النص :
كل ورقة تحرير نص اختباري مجبرة على اتباع هندسة مناسبة لمعالجة موضوع معين أو جزء منه على شكل سؤال أو مسألة. فنجد على العموم الترتيب التالي:
- المقدمة؛
- جسد القصة؛
- تطوير التحليل؛
- مخرج التطوير؛
- الخاتمة.
1-3-1- المقدمة وجسد القصة:
تخصص المقدمة عادة إلى تعريف الموضوع وإلى أهميته وإلى إشكاليته وإلى طريقة مقاربته وإلى تحديد مجاله المعرفي. ويمكنكم بدؤها بوضوح بكلمة "مقدمة"، كما يمكنكم اعتبارها كذلك بما أنها في بداية تحرير النص.
- تعريف الموضوع:
هو أول ما يلزمكم كتابته. تبدأون بتعريف الموضوع مصطلحيا وعلمياً وأدبياً، ثم تذكرون المفاهيم المتعلقة به، والأفكار التي تعتبرون أنها مهمة لمعالجته.
- أهمية الموضوع:
لا يليق أن نعالج موضوعاً غير ذي أهمية. يلزم العارض إذن أن يبين بوضوح ما يراه مهما في هذا الموضوع. ولا يعدم موضوع تربوي أو اجتماعي أو علمي أو اقتصادي أو غيره من أهمية ظاهرة أو باطنية. يمكن لهذه الأهمية أن توجد في مجال تاريخي أو في مجال اجتماعي أو في مجال سياسي أو في مجال اقتصادي أو في مجال البحث العلمي أو في مجال تشريعي أو غير ذلك من المجالات التي تزخر بها أدبيات مختلف العلوم... ودوركم يتجلى في إظهار وتبيان هذه الأهمية للقارئ وللمصحح.في بضعة أسطر لاقتناص انتباهه. وخير موقف يمكنكم اتخاذه هو أن تعتبروا القارئ غير ملم بأهمية الموضوع وأن تحاولوا إظهارها له في طيات كتابتكم.
- الإشكالية أو جسد القصة:
يتجلى هذا المفهوم في البرهنة على وجود أهمية أساسية للموضوع المدروس، ويصعب عزل الإشكالية عن الفقرة السابقة التي تطرقتم فيها إلى أهمية الموضوع. الجديد هنا هو تبيان المسائل المرتبطة مباشرة بالموضوع، أو تلك التي ترتبط به بصفة غير مباشرة. وإن كان العارض مطلعاً على أدبيات الموضوع، فإنه يعرف دون شك مختلف الأسئلة المرتبطة به والتي وجدت أجوبة كافية وواضحة، ويعرف الأسئلة الأخرى التي لم تحصل على أجوبة مقنعة على المستوى النظري أو التطبيقي. والمطلوب من العارض هو أن يسجل النقاش الدائر حول هذه الأسئلة، دون اتخاذ موقف منحاز إلى أحد أطراف الصراع المرتبط بالإشكالية، على المستوى النظري وعلى المستوى العلمي وعلى المستوى الإيديولوجي. يطرح في هذا الصدد سؤال جوهري: "في ماذا تتجلى المشاكل المرتبطة بالموضوع، ولماذا، ومتى ذلك، وكيف ؟... ".
بعض الإشكاليات تبدو واضحة وضوح الشمس، وبعضها الآخر يبقى مبهماً أو هامشياً أو مسكوتاً عنه... ودوركم يكمن في الإحاطة بشكل النقاش الدائر حول الموضوع ببراعة وبخطاب واضح.
- تحديد المجال المعرفي واختيار مخطط:
وضع حدود صحيحة للموضوع يحتاج إلى تبرير مقنع وموضوعي، لكي لا ينعت بالاصطناع وبالتحكم المستبد.
وقبل الشروع في توضيح حدود الموضوع ومحدوديته، يستحسن التذكير بالمصطلحات والمفاهيم المهمة، وبتحديد موقع للموضوع المدروس بالنسبة للإشكالية التي طرحت في الفقرة السابقة.
ويتم التحديد عادة حسب ثلاثة أبعاد: البعد الزمني والبعد المكاني والبعد التيمي (الموضوعاتي أو المبحثي).
بعد هذا التحديد يعلن العارض عن اختيار مخطط عام لتحرير النص.
1-3-2- تطوير التحليل:
يبدأ بإعلان المرحلة الأولى من عمليات التحليل، وتتبعها مرحلة ثانية أو مرحلتين. ويأخذ هذا الجزء ما يقارب 70% من مساحة تحرير النص. ويتوزع الباقي على المقدمة (20%) وعلى المراحل الانتقالية (5%) وعلى الخاتمة (5%).
يجب أن تتوزع مراحل تطوير التحليل بشكل متكافئ من حيث الكم في مساحتها الورقية وفي تجزيئها إلى فروع متقاربة العدد، ومن حيث الكيف باحتواء كل مرحلة على أفكار أساسية جديرة بالتحليل.
وبالنسبة للمراحل الانتقالية، فهي تلك الجمل والتعابير التي يتم بها الانتقال من مرحلة إلى مرحلة موالية، ومن جزء من التحليل إلى جزء يليه. ويستحسن أن لا تحتوي المراحل الانتقالية على أي حكم قيمة، أو عن أي موقف إيديولوجي، أو على موقف انحياز يعلنه العارض تجاه فكرة ما. فتتم كل مرحلة انتقالية بأقل من بضعة أسطر لتلخيص ما سبق وإعلان ما يلي بسلاسة ودقة.
1-3-4- الخاتمة:
في الخاتمة يمكنكم استعمال براعتكم في التركيب والتوليف للتعبير عن أهم ما تم التوصل إليه بعد التحليل ومراحله وبعد استخراج نتائج هذا التحليل واستخلاص ما تم استخلاصه منها. وإن كانت هذه الخاتمة مرتبطة بجزء من موضوع أكبر مما أنتم بصدده، فسوف يستعمل آخرها كمرحلة انتقالية لموضوع موالي.
2- محتوى تحليل النص (Le contenu de la dissertation) :
يعتمد تحرير النص على عرض حجج وبراهين وأفكار ذات صدقية وحجية معترف بها، كما تعتمد على مصطلحات وتعابير مثل الأفعال الإجرائية، لا تفضي إلى التباس وإلى خلط عند المثقفين. ومن وجهة أخرى تهدف الأفكار المعروضة إلى عقلنة تحليل النص، وتهدف المصطلحات والحجج إلى التعبير والتواصل.
2-1- أسس العقلنة (Fondements du raisonnement) :
لكي يتصف خطابكم بطابع علمي أكاديمي، يلزمكم استعمال لغة نثرية سليمة متعارف عليها. أما تفكيركم فيجب أن يفضي إلى تحليل موضوعي منبثق عن استدلال منطقي، يستخلص منه تحرير منهجي للنص المطروح كموضوع.
لنهج استدلال أو برهنة أو عقلنة مقبولة، لا محيد على العارض إلا أن يحترم بعض القواعد ، مثل: الصرامة العلمية والموضوعية والدقة والتناسق والتماسك.
2-1-1- الصرامة العلمية (La rigueur scientifique) :
تتمثل في التقيد بقواعد المنطق، وباعتبار ما هو بديهي ومؤكد في كفة وما هو غير ذلك في الكفة الأخرى. وفي حالة إصدار فرضيات، فيجب تمريرها من غربال المنهاج العلمي الذي يلزمها بآليات موثوق بنجاعتها. ويمكن أن نلاحظ بأن المنهاج العلمي (ملاحظة – افتراض- تجريب وإعادة صياغة الافتراض – استخلاص قانون) لا ينطبق حرفياً في ميدان العلوم الاجتماعية (السوسيولوجيا، التاريخ، علم النفس، الاقتصاد ...الخ). ولكنه مطبق بشكل يحدده كل علم اجتماعي على حدة. وجانب الصرامة العلمية يقتضي عدم استعمال مفردات وعبارات من قبيل : "إلى حدود كذا تقريباً" ، "عدد يناهز كذا على الأرجح"، فهي تثير الشك وتزيل المصداقية على الخطاب التحليلي. وفي حالة إصدار فرضيات تحترم مقتضيات المنهاج العلمي، فيستحسن بدؤها بعبارات مثل : لنفترض أن – ليكن أن – هب أن ...الخ. ويقتضي جانب الصرامة العلمية أن لا يستخلص العارض من ما يطرحه الموضوع المدروس أكثر مما يحتمل، وأن يكون موضوعياً.
2-1-2- الموضوعية (L’objectivité):
أن يكون الشخص موضوعياً معناه أن يبقى محايداً تجاه واقعة معينة أو أمام نظرية معينة، وأن لا ينتهج موقفاً يدل على انحيازه إلى رأي مسبق. فالتفكير والعقلنة والاستدلال والاستنباط والبرهنة وكل ما يتعلق بتحرير النص لدى عارض موضوعي لا يتبع هواه أو أحكامه المسبقة بل يأتي طبقاً للمنطق ولمناهج العلوم سواء أكانت علوماً اجتماعية أو علوماً حقة.
2-1-3- الدقة والتناسق والتماسك (précision, cohérence et consistance):
في هذا السياق أنتم ملزمون باستعمال عبارات ومصطلحات دقيقة المعنى في ظروف واضحة، بدلا من عبارات رنانة ولكنها جوفاء. وحذار من السقوط في تناقض ضمني أو صريح... وأنتم ملزمون باختيار مخططات متناغمة، وبالتعبير عن فكركم بلغة واحدة في كل مراحل تحرير النص (مع ترجمة بعض المصطلحات عند الاقتضاء). وكل ذلك يحفظ بكل تأكيد تناسق وتماسك العرض التحريري الذي تنجزونه.
ومن جانب ثان، اكتبوا بخط واضح، واحترموا علامات التنقيط، وتجنبوا العبارات الصادمة التي تستعمل لإثارة الغرائز والنعرات.
ملحوظة: إذا كنتم تعتبرون أنكم تكتبون بلغة أجنبية (فرنسية، إسبانية، ...الخ) أحسن من ما تكتبونه بالعربية، وإن كان ذلك مسموح به بوضوح في الاختبار، فلا تترددوا في الكتابة بتلك اللغة الأجنبية.